لا تؤذِ مشاعر نملة

✍ صالح الريمي :

الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسني وهو (الجبار)، فهو سبحانه وتعالي الذي يجبر النفوس ويجبر الفقير والغني ويجبر الكسير والمريض ويمدنا بالأمن والأمان والطمئنينة، وفي الشريعة الإسلامية نجد جبر الخاطر يصنف عبادةً جليلة دعا إليها الإسلام قرآنًا وسنةً وسلفًا صالحًا، ونادى الإسلام بالتمسك بها والحفاظ عليها لأنها تنحدر من جينات الأخلاق الحميدة، وهو أدب رفيع لا يتحلى به إلا أصحاب القلوب النبيلة، والأخلاق الراقية..
ويعد جبر خواطر الآخرين الأباعد عبادة نؤجر عليها، فكيف أن تجبر خاطر زوجتك بكلمة طيبة، عبارة حسنة، جملة رومنسيه، حديثًا ماتعًا لطيفًا تغدق عليها المشاعر الجميلة، هدية بدون مناسبة، لهذا من حسن العشرة أن نستغل المناسبات السعيدة بجو مفعم بالحياة والأنس فيما بيننا.

بالأمس زوجة ترسل لي رسالة تقول فيها ماهو رأيك في هذا الموقف؟
تقول أنها ذهبت مع زوجها إلى البر، وكانت الجلسة في مكان فاضي وهادئ ورائع ومشاعري، وكنّا في بداية الجلسة وفي وناسة وضحك، وفي أثناء الحديث بدل أن يسمعني زوجي كلامًا رومنسيًا، قال: “تصدقي يا أم فلان لو ادفنك هنا محد درى عنك”، قلت له الله يجبر بخاطرك على الكلمة الزينة، بعد هذها تغيرت نفسيتي وجلست ساكته، وكل واحد ماسك تلفونه حتى قمنا ورفعنا أغراضنا وذهبنا إلى بيتنا.

أذكرك أيها الزوج بفرصة التغيير كم من كلمةٍ قليلة الحروف صنعت الحبُ وزادته في قلبِ زوجتك! امدح محاسنها، أشعرها بأنها لازالت جميلةً في عينك، امدح عناية زوجتك بطعامك وحسن طبخها، زوجتك تنتظر ثناءك على تفاصيل دقيقة في حياتها معك، إن هذا الكلام ينمي الحبُ ويقوي شجرته في قلبِ زوجتك..
وأيضًا نحن الرجال نحتاج إلى لغة الشكر من زوجاتنا، إن الرجل يتعب ويكدح من أجل لقمة العيش وخدمة أهله، فيا ترى؛ ماذا يضير تلك الزوجة من أن تشكره على ما يقدمه لها ولأولادها؟ إن زوجاتنا قد يتناسين حاجتنا لكلمةٍ طيبة لعلها تمسح منّا عرق الحياةِ ونصبها.

*ترويقة:*
ملامسة القلوب، بالكلمة اللطيفة أكثر أنواع المشاعر جبرًا وخلودًا في حياة الأخرين..
دخلت امرأة من الأنصار على عائشة في حادثة الإفك، وبكت معها كثيرًا دون أن تنطق بكلمة، قالت عائشة:
“والله لا أنساها لها”، و‏عندما تاب الله على كعب بن مالك بعدما تخلف عن غزوة تبوك، دخل المسجد مستبشرًا، فقام إليه طلحة يهرول واحتضنه، قال: “والله لا أنساها لطلحة”..
‏مواقف الجبر في لحظات الإنكسار لا تُنسى، فاجبروا خواطر من حولكم، فمن سار بين الناس جابرًا للخواطر ادركته عناية الله في جوف المخاطر.

*ومضة:*
أعجبني قول أبو إسحاق الشيرازي: ‏”‎ٲتريد أن تحظى بشيء من مُلك سليمان؟ لا تؤذِ مشاعر نملة”، فكيف بمن يؤذي مشاعر الآخرين..
لا تبخلوا بإسعاد من تحبون، فكل المواقف تتلاشى سريعًا من الذاكرة إلا سعادة أهديتها لمن تحب.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى