أضحكني حتى الثمالة

✍ صالح الريمي :

*يقول صديقي:*
اتصل بي صديق حبيب وظريف وأديب أريب، تجاذبنا أطراف الحديث ثم قال لي مازحًا: إنك امرؤ فيك من أخلاق الجاهلية: (يقصد الأخلاق الحسنة من أخلاق الجاهلية)، غير أنك ﻻتطوف بالبيت عاريًا، فاضحكني حتى الثمالة، وتقهقهت لظرافته وحسن لباقته وجمال طرفته..
أصبح المزاح أمر مهم في حياة الناس العامة، لذا يجمع علماء النفس اليوم على أهمية الضحك ودوره في الترفيه عن النفس والسمو بالروح وإضفاء روح الفكاهة ومحاربة النكد والملل وفي ظل ضغوطات الحياة الاجتماعية، حتى بات وسيلة تشفي من أمراض عدّة في مستشفيات بعض الدول المتقدمة طبياً.

المزاح المباح وظيفته في الحياة تأليف القلوب وتلطيف الجو وتطييب الخواطر وإدخال الفرح على قلب جلاسك الذين تحادثهم ويحادثونك، دون أذى فيه، ولا ضرر، ولا قذف، ولا غيبة، ولا كلام في عرضٍ أو دين، ولا استخفافٍ بأحدٍ من البشر..
يعد المزاح نوع من أنواع الحوار الذي يستعمله البشر كطريقة للتواصل ولإظهار المحبة، فمن  الجيد أن تجد من يحاول أن يمازحك ويضحكك ويرسم الابتسامة على وجهك، لذا أنقل لكم ما قرأته في صفحة صديق لي عن مزاح شخص له.

المزاح محبب لطبيعة الإنسان البشرية، ومؤنس للقلب ومنعش للنفس، وذلك بسبب ما يدخل من السرور على نفوس الإخرين، فيخفف عنهم ما يقاسون من المتاعب الحياة الجافة، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم..
الضحك والمزاح في مختلف أمور الحياة أمر قد يغير من وضع هذا الشخص للأحسن نفسياً، ويجعله أكثر حيوية ونشاطاً، وينظر إليه أنه خفيف الظل ومحبوب ويرسم البسمة على وجوه الآخرين.

وجدت دراسة جديدة أن المزاح قد يساعد في أوقات كثيرة في نجاح التودد في العلاقات الإنسانية، وقال باحثون “إن البشر يحبون المحافظة على روح المزاح مع بعضهم خلال سعيهم للفت النظر إليهم، وأشاروا إلى أن إدخال المزاح قد يكون متجذراً في عملية تطور البشر..
ويراعى عدم اللجوء إلى الضحك أو الفكاهة والمزاح لاختلاف بعض الشخصيات التي تأخذ الأمر بمحمل الجد ولا تتقبل الضحك والمزاح في بعض الأوقات إما لعصبيتها، أو لسريعة تأثرها أو لحساسيتها العاطفية، ولا حرج عليك أن تمزح ولا تقول إلا حقاً، ولا تؤذي قلبًا، ولا تفرط فيه أو تقصر عليه بالندور، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إني لأمزح ولا أقول إلا حقًا”.

*ترويقة:*
وردت أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمازح أهله وأصحابه رضوان الله عليهم، فعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا ذا الأذنين)، أي يمازحه وليس المقصود السخرية أو الاستهزاء، لأن كل إنسان له أذنان..
قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أفكه الناس مع نسائه ، ويومًا أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: (لا يدخل الجنة عجوز، فبكت، فقال إنك لست بعجوز يومئذ)، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا﴾”..
ويقال إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: “إن زوجي يدعوك، قال: ومن هو؟ أهو الذي بعينه بياض؟ قالت: والله ما بعينه بياض، فقال: بلى إن بعينه بياضًا، فقالت لا والله، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد إلا وبعينه بياض)، وأراد البياض المحيط بالحدقة..
وجاءت امرأة أخرى فقالت: يا رسول الله، احملني على بعير فقال: (بل نحملك على إبن البعير، فقالت: ما أصنع به؟ إنه لا يحملني، فقال صلى الله عليه وسلم: “ما من بعير إلا وهو إبن بعير؛ فكان يمزح به.

*ومضة:*
يقول الله سبحانه وتعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى