أحبُّ البنات
صالح الريمي :
قال لي يومًا أحد الأصدقاء أن الله رزقه بداية بخمسة أولاد متتابعين، ثم رُزق بعد ذلك ببنت جميلة، يقول: كنت أشعر بأني أسكن شقة عزابية حتى جاءت البنت فعشت الرقة واللطف والحنان والجمال في البيت، والعادة أن الإناث أرق قلوبًا، وأحن وأصدق مودة وأكثر تفانيًا في بر الوالدين وطاعتهما .
يخطئ من يحتقر البنات، حتى إذا رزقه الله بنتًا أو أكثر تأفف وشكا وقلَّل من شأنهن وضجر ودعا بالويل والثبور، وهذه عادة جاهلية قبل الإسلام حيث لم تكن للبنات قيمة، بل للمرأة عمومًا أي أهمية، حيث كانت مضطهدة ومظلومة ومكدودة، وكانوا يرونها عيبًا وعارًا لا تصلح إلا للمتعة الجسدية أو تباعُ أَمةً رخيصة للطهي والسقي والخدمة.
وإذا جاءه الخبرُ أنْه قد رُزق بنتًا، عبس وبسر وتغير وجهه وتقطب جبينه وعلا محياه كآبةٌ سوداء ولازم مخبره ركامٌ من الضيق والأسى، حتى جاء الإسلام فحرر المرأة من الظلم وجعل لها مكانة عظيمة ورفع شأنها..
قال تعالى: (لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ).
وقفت على تفسير هذه الآية الكريمة متدبرًا ومتأملًا في لفته عظيمة، لاحظت في العطية من الله حيث قُدمت الأنثى على الذكر، لأن الرزق بالبنات خير كبير وعظيم يهبه الله لمن يشاء وسماه بذلك هبة، وكانت هذه الآية ردًا على الذين كانوا يغضبون عندما يبشرون بالآناث، فجاء هذا الرد من الله العادل..
وهنا قدم الله عزوجل في الآية الكريمة الإناث على الذكور على غير العادة، في لفتة قرآنية بأن التبكير بالأنثى فضل ونعمة من الله سبحانه، ومن رُزق ببنت أو بنتين طار فرحًا وابتهج أيما ابتهاج لأن صادف قدره قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من عال جاريتين دخلتُ أنا وهو في الجنة كهاتين).
والاسلام رفع من شأن المرأة من قُمقمِ الذُّل والمهانة، إلى قِمم العزِّ والكرامة ما تمتدُّ نحوها الأعناق، وتهفو إليها القلوب والأشواق، وأصبحت المرأة أخت الرجل وشقيقته، بل خير الرجال من أحسن إليها، وشرهم من أساء إليها، وكريم القوم من يكرم أهله في قوله صلى الله عليه وسلم: (خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي)، ولئيمهم من يهينها.
*ترويقة:*
أحبُّ البَناتِ فَحُبُّ البَناتِ
فرضٌ على كُلِّ نفسٍ كريمَه
فليسعد أبو البنات بمؤنساته الغاليات راضيًا وشاكرًا لله على فضله واختياره وإحسانه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات).
*ومضة:*
أحبّ البنات، فحبّ البنات، فرضٌ على كلّ نفسٍ كريمة، قال أحمد شوقي:
إن البنات ذخائرٌ من رحمةٍ
وكنوزُ حبِّ صادقٍ ووفاءِ
*كُن مُتَفَائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*