*نفسي أموت.. كرهت الحياة*

✍️ صَالِح الرِّيمِي :- 

يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، اليوم في الصباح الباكر الجميل، قابلت شخصًا مكهرب المشاعر والأحاسيس، متجهم وعابس الوجه، رأيت وكأن الدنيا ضاقت عليه من كل حدب وصوب.!!
سألته عن حالة؟ قال بنفسٍ عميق مع حشرجة بصدره: الحمد لله على كل حال، قلت له لكن لسان حالك يقول عكس ذلك، قال: بصراحة مشكلتي أني فاقد الأمل في الحياة، لم أعد أحب الحياة بعد أن ضاقت في عيني وأصبحت مخنوق ونفسٍ مهزومة وعناء، وقلبٍ قد انصهر، والدمع من عيني قد انهمر، وسعادتي تكاد تمحى وتزول يوم بعد يوم.

كرهت الحياة، كرهت نفسي، كرهت العالم، كرهت البشر، سئمت من كل شيء وأسباب كرهي للحياة، لأن الحياة كلها كذب، نفاق، خداع، خيانة، تزييف، لعب بالمشاعر، تجاهل للأحاسيس..
كل شيء فيها أصبح لا يدعو للأمل والتفاؤل والحياة الكريمة، لقد تعبت، وتعبت من المسؤولية الكبيرة على عاتقي، ماذا أفعل؟ تعبت من حياتي ما عاد لي فيها بارقة أمل ولا شعاع من نور، لقد أغلقت في وجهي كل الأبواب، هل الخطأ منى أم منهم؟ انتهى كلامه.

أيها المحزون؛ عش ببصيص من الأمل وشعاع من النور، وبغد مشرق ومستقبل أجمل، وافتح لنفسك باب جديد، فلابد لليل أن ينجلي ولابد للفجر من بزوغ نهار، وقل سأعيش رغم الداء والإعياء كالنسر فوق الهامة الشماء..
تفكر في نعم الله سبحانه وتعالى، وما أنعم عليك بالسمع والبصر وسلامة اليدين والقدمين وغيرك أصم أو أعمى أو أبكم أو معاق، فكيف يأتيك اليأس من الحياة وأنت تقرأ قول الله تعالى: (وَلا تَيْئَسُوا مِن رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)، ولهذا لا يجب أن يتمكن اليأس من نفسك حتى تكره الحياة.

أيها اليائس؛ أزعم أنك لست الوحيد من تعاني من ظروف الحياة وتقلباتها، فلا تجعل قرارك هو الهروب ودمار كل شيء جميل، ثم لا تلم أحدًا مهما كان، وعود نفسك الجميلة على التفاؤل في كل الظروف، تاركًا لعقلك التفكير الايجابي، متذكرًا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبداٍ ابتلاه)، وقبل ذلك قول الله تعالى: (فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا)..
والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم يقول: (لا يغلب عسر يسريين)، ففي بطن العسر إلا وهناك يسر كثير وهذا وعد الله وسنته في عباده، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أن الفرج مع الكرب).

وكلما اشتدت الأزمة كلما كان ذلك إيذانًا بانقضائها وزوالها فإن أشد أوقات الليل حلكة هو ما يسبق طلوع الفجر، ومهما كان الظلام فلا بد أن يتلو نور ونهار يبدد عتمة الظلام، والكرب له نهاية مهما طال أمره وأمده، والظلمة تحمل في أحشائها الفجر المنتظر، وما بعد الضيق إلا الفرج، ولا يعرف انشراح الصدر إلا من ركبه الهم والضيق، ولا يعرف الفرج إلا من ناله الكرب..
قال الشاعر:
‏آمنتُ باليسر بعد العسر في ثقةٍ
بمن يحوّل أحزاني لأفراحِ
سيفتح الله باباً كنت تحسبهُ
من شدة اليأس لم يُخلق بمفتاحِ

*ترويقة:*
لو سألني أحدهم كيف الحياة معك؟
ساقول بكل تأكيد الحمد والمنة أنا بخير وبنعمة جليلة، ولا أتذكر يومًا أنني كرهت الحياة.!! ولا أنكر أحيانًا ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس في بعض المواقف، ولكن!! بداخلي يقين وحسن ظن بالله عزوجل يتبعها روح متفائلة على الدوام، تمنحني القوة والعزيمة والصبر على أقدار الله، كروح كطفل تلون لي الحياة فازداد قوة للسير قدمًا نحو الحياة الجميلة.

*ومضة:*
أيها المحبط؛ كيف يتمكن منك الإحباط وأنت تعلم أن كل شيء في هذا الكون إنما هو بقدر الله كما قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِن قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِن ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى