حدوته مصرية
دموع على موانئ الغربة
بقلم – فايل المطاعني :-
” الفصل الثامن “
استأنف مصطفي حديثه بعد وصلة من الطرب العدوي (نسبة إلى احمد عدوية وابنه محمد) وكانت معنوياته نوع ما جميلة فقلت له :علمت أن لديك ابن لقد سمعتك تحدثه عبر الهاتف بقولك: حاضر يا ابني احمد وقلت بسرعة معتذرا :طبعا ليس من المستحسن التصنت على محادثات الآخرين ولكنها الصحافة هذه احدى عيوبها وأشرت بيدي وبحركة مسرحية : ارجوك اعذرني واعدك أن اخفف من هذه العادة السيئة و التفت إلى السائق كأني انصحه وقلت له بلهجة هي أقرب إلى الجدية : ارجوكم لا تجسسوا على اصدقائكم فهذا فعل غير حميد ! ،رد صديقي قائلا:نعم نحن في الأرياف نتزوج في سن مبكرة ومثلما قلت لك. كل شي عندك متوفر فلماذا لا تتزوج .وسكت لحظة وكأن طيف زوجته مر فجأة فشعرت بهالة من الفرح انتابت صديقي فجأة وهو يقول : هالة بنت خالتي ام اروى واحمد معلمة للغة العربية لا اعرف كيف اوصفها لك فأنا لست صحفي يتجسس على محادثات اصدقائه (اظن هنا يقصد محمد حسنين هيكل الذي كان يدير برنامج يتحدث عن التجسس؟) فعل شئ معيب أن يتجسس المرء على اصدقائه !هيا اكمل يا صديقي فقال بعد أن رمقتني بنظرة ونظر إلى شعري بالمناسبة تسريحة شعري تشبه نوع ما تسريحة الفنان الراحل صلاح قابيل و طبعا لا أخفيكم أنا من المعجبين بهذا الفنان الجميل وكنت أصبغ الجهة اليمني من شعري بالابيض لتبدو مثل شعر الفنان صلاح قابيل ؟! ووضع صديقي يده على ذقنه وهو ينظر إلى شعري الكثيف فقلت ضاحكا :اعدك بعد هذه المقابلة سأذهب إلى الحلاق واحلق شعري لتتأكد بأنني صحفي ، هيا اكمل حديثك ارجوك. فقال مصطفي :ولكن قلبي هو الذي سيتحدث عن هالة .. بنت خالتي وام اولادي وقرة عيني .لم تتركني في محنتي ،كنا مع بعض وكلما اذهب معها إلى مكان عام فيه ناس يعني تحاول أن تحميني فتارة ممسكة بيدي وتارة اخري تكون امامي وكأنها تتعمد لو حد ما أطلق عليه النار تكون هي الضحية .فهل هناك امرأة مثل هالة ؟؟..قبل أن أتي الى عمان. بشهر كان شهر رمضان يعني بعد شهر رمضان نزلت على طول على عمان . شهر رمضان بأكمله قضيته معها ومع العيال متوزع بين صلوات تراويح وقيام ليل والتجمع على مائدة الإفطار . واللعب مع العيال ،قبل الحادثة كنت دائما مع اصدقائي لم أكن متفرغ للاولاد وأمهم ،تعرف يا صديقي، الحياة تعلمك الكثير ولكن للاسف الذي تعلمك ياه بعض الأحيان يكون قاسي وقاسي جدا . و ربما الخوف وحدنا فأصبحنا انا وزوجتي هالة روح وحدة مع اختلاف الأجساد. لم اتصور أنني سوف ابعد عنها ..الغربة ليست في الانتقال من مكان إلى آخر لا يا استاذ يحاول أن يتذكر فقلت له وبسرعة ( فايل ) لم أكن أريد أن أخرجه عن الموضوع فلم يكن تذكر اسمي مهم ، المهم أن اجعله يتحدث فلقد وصلنا إلى ولاية نزوي ولم يتبقي عن مقصدي الا القليل فقلت له: ماذا تقصد بهذه العبارة أن الغربة ليست في الانتقال من مكان إلى آخر إذن اين الغربة؟ أليست هي في شنطة سفر وابتعادك عن مصر ..فقال مبتسم :الغربة انني لن اري عيون هالة ولا ابتسامتها وليس بوسعي اتغزل بجمال أصابعها .الغربة عندما افتح نافذة غرفتي فاري عمارات شاهقة وسيارات كثيرة وناس لا يجمعهم الا كلمة ( أكل عيش) بينما في مصر كل شي مختلف . من أن تخرج من منزلك تلقي العم عبدو في وجهك يصبح عليك وهو يبتسم متوكل على الله ويجر العربة و الحمار وينقل الناس الفقراء (الغلابة) الذين ليس معهم اجرة نقل ..تصدق وتؤمن بالله يا صاحبي هكذا قال لي مخاطبا: أن الذي بناء مصر كان في الأصل حلواني ★ مصر حلوة يا صاحبي واجمل مافيها ناسها الطيبين …يتبع ★:هذه المقولة ربما مقولة صحيحة ولها اصل تاريخي لان محمد علي باشا مؤسس الدولة الحديثة في مصر كان حلوانيا في البانيا قبل أن يلتحق بالجيش العثماني ويصبح ضابطا فيه لذلك يقال إن الذي بني مصر كان في الأصل حلواني. (عمدة الادب )