الصيام:
حبيب الرحمن عبدالحكيم الأزهري
(ياآيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) البقرة: (183)
وقال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)البقرة: (185)
الصيام: هو امتناع عن شهوة البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإمساك وامتناع عن آثام اللسان وخطرات الشيطان في الفكر والقلب والمشاعر، وشغل للزمان والقلب والجوارح بذكر الله وصالح الأعمال.
إذا حصل هذا فإن القلب يستضيئ بنور الهداية، وتفتح له آفاق الترقي والقرب من الله ، لأنه تشبه بالملائكة المقربين الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون،
ومن مقاصد الصيام:
1- إن الصيام يحرك في الإنسان دوافع الخير ويثير في القلب مشاعر الرحمة ، فيبصر ما لم يكن يبصره وهذا من الضياء القلبي الذي جعله الله تعالى ثمرة الصوم والصبر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ من بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك) صحيح مسلم: (223)
2- إن الصيام الصحيح حصن يتحصن به الصائم من آفات الروح والقلب والبدن، وهكذا سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (الصيام جنة وحصن حصين من النار)
ومن لم يحافظ على هذاالحصن فلن ينتفع من صيامه بشيئ ولن ينال منه إلا التعب والنصب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة بأن يدع طعامه ولا شرابه) صحيح البخاري: (1903)
وقال أيضا (ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش)مسند أحمد: (8856)
قال: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) صحيح البخاري: (2014)
وقال أيضا (من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبله) مسند أحمد: (11524)
فمن حافظ على صيامه وارتقى بآثاره كان له من الجزاء العاجل والآجل. وقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصائمين بقوله: (إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون ؟ فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحدا) صحيح البخاري: (1896)
وفي رواية: (في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون) صحيح البخاري: (3257)
والصيام قمة الصبر وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث القدسي، قال تعالى : (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي) صحيح البخاري: (1904)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه) صحيح البخاري: (1904)
3- وقد جعل الله تعالى للصيام حدا أدنى فرضه على كل مكلف ، وهو شهر رمضان وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة والقدوة في هذا الشهر نظام خاص ومنهج عظيم يصاحب الصوم من قرآن وعبادات وقيام ومبرات وصدقات وتواصل مع الأهل والأرحام لتكون كل لحظة في هذا الشهر عبادة عالية وقربة إلى الله نيرة.