قراءة في قصيدة ” غاب ضنيني “
للشاعر الشعبي عامر مدوار
بقلم الاستاذة : فاطمة مسعود جبارة
.
شاعر آخر ابن ولاية الشلف (الأصنام )سابقا تميز بكتابة القصيدة الشعبية الملحونة أيضا .كغيره من الأقلام التي زينت ولايتي بالحرف الشعبي الأصيل بمختلف الأغراض من مدح وذم .رثاء غزل نصح ….تولج فن كتابة النص الشعري الشعبي .
لنحط الرحال هذا المساء عند حروف الشاعر الشعبي عامر مدوار منتقين احدى روائع كتاباته وخواطره وهي قصيدة رثائية أهداها الشاعر لروح المغفور له والده مفتشين عن أدوات فنية وأغراض أدبية في النص الذي سنطرحه اليوم استهلالا بعتبة العنوان مرورا بالمحتوى فنيا وأدبيا .
عند ولوجنا لقراءات متأنية لنص الشاعر نجده قد خصص حيزا واسعا شمل صفات الوالد المتوفي معددا خصاله عبر أبيات القصيدة متحصرا وكله ألما بذلك المصاب الجلل الذي لا حيلة منه غير الصبر متذكرا تفاصيل دقيقة بأبسط أحداث لها من يوم الوفاة ذاكرا له في النص فيقول :
هذو ثلث سنين ملي صد وغاب (مدة الوفاة )
مما دلت عبارات النص على ألم الفقد الذي يعاني منه الشاعر وشوقه لأيام مضت رفقة والده معددا أفعاله خصاله قائلا :
على ضنيني قلبي طاب
نار شواقي كلها جابت اسمو
فإن دلت فإنما تدل على حرقة الشاعر وتمزقه بغياب الوالد
“ما عدت نلاغيه باسمو “
مسترجعا زمن كان بجانبه
“ماعاد ضنيني ايحجو ليه حباب
في مراحو يتلمو
“وقتك بويا ما يتبلع باب”
كناية زادت المعنى رونقا واتساقا بالنص جسدت صفة الجود والكرم الذي عرف به المرحوم في أيام حياته .
ليبينها في البيت الموالي فيقول:
فارس بلجواد معروف ب كرمو
كي كان بويا كنت للصعبا غلاب (الشجاعة والتمسك )
كما يواصل في باقي الأبيات مبرزا الأثر البالغ الذي تركه رحيله عنه على حياته مقارنا بين الماضي والحاضر مشيرا الى الفترة الصعبة التي عاناها في غياب الأب
“ساوي بين قرايني ” ما نخشى مكان ” فاقد والديه مغبون
فأجاد الرسم بالكلمات في صورة شعرية لامست المعاني فأدت وظيفتها اللغوية في تجسيد المعنى لتخدم النص الشعري اتساقا وانسجاما في قوله :
“الصور للي كان عندي راب “
استعارة شبه فيها الأب بالأسوار التي تحيط وتحمي البيوت لتحميه وبرحيله كأنه نزع الغطاء عليه قد أزيل عنه برحيل والده
“اتزلزل من ساسو “
حيث أوصل الشاعر المعنى في رؤيا شعرية يقربها لذهن المتلقي بالخيال .
فأحسن السبك وأجاد انتقاء اللفظ المناسب لتقريب المعنى .
كما نلمس في النص تكرار لفظة “ضنيني ” التي كررها الشاعر اكثر من مرتين الدالة على التأكيد أما عن أثرها النفسي فدلت على متن وقرب العلاقة بين الشاعر ووالده ليأكد ذلك بتكرار كلمة ضنيني متصلة ب ياي المتكلم .فقال:
على ضنيني قلبي طاب
ما عدت ضنيني نلاغيه باسمو
ما عاد ضنيني يجو ليه احباب
أما عن الحركة فنجدها شبه منعدمة في النص لكونه شمل الوصف وكأننا نرى الشاعر من خلال نصه طبعا جالسا بمكان يسترجع أيام والده في حرقة وحسرة وألم يمزق كيانه بحزن مع ذاته كونه ما توقع رحيله المفاجئ يوما ولا ظن أنه ستأتيه فترة صعبة مؤلمة .
فهو عبر القصيدة يراه يحيا بينهم بخصاله تارة ثم يتساءل تارة أخرى عن الوضع الذي آل اليه حاله .مخاطبا له انه باق على نهجه يسير عليه
لذا فالنص ذو طابع أأجتماعي غلبت عليه عاطفة نفسية حزينة مؤلمة تركت أثر نفسي فعال مس الشاعر تم استنباطه من نصه تغزوه الحسرة الشديدة والشوق بحرقة .
الذي عكس ذات الشاعر فدفعها للتعبير عما يختلجها من مكنونات ترجمتها عباراته بالبوح .في لوحة فنية شاعرية صور بها حالته معبرا عنها بمختلف العبارات بلغة شعبية وألفاظ سهلة التداول لدى العامة تحاكي معاني جمة .
لما لها من أثر رجعي حرك عاطفة القارئ .
أخيرا نجد الشاعر ‘عاااامر مدوااااار “قد عبر بقصيدته الرثائية عن الأب بلسان كل ابن بحروف زخرفت نصه الشعري وألفاظ خدمت المعنى لايصال الفكرة لمستوحاة .
فيمكننا القول أخيرا أن النص وليد تجربة ذاتية حقيقية حدثت عاشها الشاعر وعايشها فتفنن في تجسيدها في قالب شعري أدبي .