قصتي مع الزبدة
✍د. سعود بن صالح المصيبيح
في فترة مضت وحين كانت بعض الاجهزة الحكومية تكافئ بعض موظفيها بانتدابات لخارج المملكة يستفيد منها الموظف في دورة او خلافه حينما كانت هناك وفرات ما قبل الميزانية!! كان لي شرف الاستفادة من ذلك حينما استفدت من انتداب صيفي لبريطانيا في عام 1404هـ لمدة شهرين التحقت فيها بالسكن مع عائلة انجليزية في ضاحية هوف في برايتون وكان الحرص واضحا لتعليم اللغة والالتحاق بأحد المعاهد هناك..
العائلة الانجليزية اعتادت استقبال الطلبة الاجانب…
وكنا اربعة نمثل جنسيات مختلفة جئنا لتعلم اللغة في بريطانيا.. الاكل المقدم من العائلة لا يقارن بما اعتدنا عليه كشباب مليء بالحيوية والطاقة حيث نستفيد كذلك من فترة بعض الظهر لممارسة كرة القدم هناك….
كانت الوجبة صباحا شيئا من الزبدة وتوستا ثم الذهاب للمعهد.. العائلة وبقية الطلبة الاجانب يمسحون الزبدة على التوست بخفة ثم يفطرون وينصرفون اما صاحبكم ولقلة الاكل المقدم من العائلة في فترة الغداء والعشاء.. فكنت اتأخر قليلا في تناول الافطار حتى يغادر الجميع وابدأ بوضع الزبدة بكمية وافرة على التوست واتناوله هنيئا مريئا.
استمر الحال على هذا المنوال زبد مكثف اغرفه غرفا من علبته واخرج للمعهد متخما وشاعرا بالشبع الذي يساعدني على مقاومة الاكل التعيس الذي تقدمه العائلة يوميا..
لقد تواصلت العلاقة مع الزبدة حتى كنت انتظر نوم العائلة وآتى ليلا للثلاجة لآكل مالذ وطاب من الزبدة..
جلست في بريطانيا شهرين اتناول الزبدة بكثرة حتى ان العائلة دهشت من سرعة انتهاء الزبدة من المطبخ..
عدت بعد ذلك للمملكة وواصلت شراء الزبدة بكثرة وآكلها بكثرة غادرت للبعثة وواصلت اكل الزبدة صباحا ومساء.
ادخل المطعم واول ما اسأل عن رفيقتي الزبدة
اركب الطائرة وعندما يقدم الاكل لا اكتفي بالزبدة الموجودة.
بل اطلب زبدة اضافية
عدت من البعثة في عام 1411هـ وواصلت اكل الزبدة وبحب اكثر وبرغبة اكثر.. وبدأت اتفنن في معرفة عناوين شركاتها ونوعية منتجاتها واصبحت خبرتي بالزبدة كبيرة
حتى الزبدة البلدي والزبدة من نتاج اللبن المنزلي مع التمر الاقط من الذ الوجبات عندي..
كنت امارس الرياضة وبدأت مشاغلي مع نهاية عام 1414هـ تكثر فانعدمت الرياضة واستمرت الزبدة..
ازداد وزني وزاد مع الزبدة كمية اللحوم والشحوم التي نأكلها في وجباتنا الغذائية.
بعد اربعة عشرة عاما من ادمان الزبدة بدأت أشعر بآلام شديدة في الصدر وضيق في التنفس وراجعت الطبيب الذي شخصها على انها الام في الشرايين ولابد من عمل القسطرة
ادخلت للمستشفى وبدأ الدكتور يخبرني عن كمية الكولسترول الهائلة المترسبة في الشرايين والتي ضيقت على الدم المرور وبالتالي لابد من عمل توسعة البالون وضع دعامات لكي يسيرالدم بشكل افضل.
علم الطبيب عن قصتي مع الزبدة فدهش لقلة الوعي حول هذه الناحية خصوصا مع الزبدة الذي يعد اكثر الاشياء سببا للكلسترول المضر للشرايين.
آخر قياس للكلسترول بعد اجراء القسطرة والتوسعة هو 145 والحد الاعلى هو 239 بينما كان الكلسترول يضرب بالثلاثمائة واكثر..
اعتقد انني اكلت ما يكفي من الزبدة وكان آخرها وجبة زبدة قبل زيارتي للطبيب والتي تمت قبل خمس سنوات..
انتهت الزبدة من حياتي وتفتحت شراييني اكثر
وبقى الاستمرار على الرياضة والمحافظة اكثر على الأكل الصحي القائم على الألياف والفيتامين والخضراوات والفواكه .
ولا زبدة بعد اليوم !!!
لكن ما الذي حدث بعد اربع سنوات من عمل القسطرة والتوسعة بالبالون عادت حليمة لعادتها القديمة…
اللحم والرز والحلويات آكلها بدون تردد
انقطعت عن الرياضة وعدت اسير الى المكتب والانغماس في العمل والتهام الادوية بدون هوادة شيء للكلسترول وشيء للشريان ولا نعلم اين نسير مع المرض.
نسأل الله العلي القدير ان يجنبنا الامراض ويعافينا منها .