كيف السبيل حين قلبي يؤذيني؟

الحلقة الاولى من حكاوي العنود

  1. بقلم الكاتبة : العنود سعيد

بين حقول الجمال والبهجة فراشة تحلق من زهرة إلى أخرى غير آبهة بذبول الحياة، تنشر عبق عبيرها في كل الأرجاء وتلونالدنيا بألوان الفرح والحياةمن بستان إلى أخر يفوح شذا عطرها ويتسرب مع نسمات الهواء ،تُضفي على كل من يمروا فيطريقها جزء من عبيرها وبهاءها ورونقهايسكن الهدؤء أنفاسها ويأسر القلوب حنانها .

في يوم من الأيام خرجت تلك الفراشة الجميلة (كريمة ) مع رفيقاتها إلى منتزه بالقرب من مكان عملها لِتناول وجبة الإفطار فيالهواء الطلق..بينما هي تتجاذب أطراف الحديث مع رفيقاتها والسرور يغمر روحها ،لفت إنتباهها امرأة عجوز طاعنة في السنتجلس على كرسي متحرك ترك الزمن على وجهها خطوط من البؤس والشقاء واشتعل راسها بالشيب ..تحاول التقاط مسبحتهاالتي وقعت منها على الأرض ،حين رأتها كريمة هرولت إليها لِتقديم المساعدة وهي تملأها الدهشة من بقاء تلك المرأة لوحدهادون مرافق.

تفضلي سيدتي المسبحة.

بيدان مرتعشتان، أخذت تلك العجوز المسبحة و دموع عيناها تنساب على وجنتيها.

هل يمكنني التطفل عليكِ قليلًا سيدتي؟ هل أنتِ هنا لوحدك ؟ أين أولادكِ ؟ كيف حضرتِ إلى هنا؟

لحظات صمت طويلة وأسئلة حائرة في الشفاه لم تجد لها إجابات بقيت تلك العجوز في مكانها والصمت يطبق على أنفاسها.

حاولن رفيقات كريمة إقناعها بأخذ العجوز إلى دار للرعاية أو إبلاغ الشرطة عن وضعها فإن الأمر قد يسبب لها العديد منالمشاكل..هرولت مسرعة لإحضار الماء وبعض من الوجبات الخفيفة للمرأة المسنة قبل المغادرة.

هل تحتاجين شيء أخر قبل أن أغادر ؟

جلبتُ لكِ ءوشاحاً في حال أردتِ ارتداءه سَيُبقي جسمكِ دافئقبل ابتعادها عن المكان لحِقتها نداءات العجوز المسنة : هليمكنكِ أن تسدي لي خدمة؟

تفضلي سيدتي في خدمتك ؟

أود الذهاب إلى دار الرعاية فهي المكان الأنسب بالنسبة لي بعد أن ضاق هذا العالم ذرعًا بي!

تعاطفت كريمة مع هذه المرأة بعد ما رأته من حالها حيثُ كانت  تجاهد في حبس دموعها وإخفاءها عن المارة .. بداء القلقيساور كريمة من مصير تلك المسنة وتركها في العراء لوحدها خاصة في هذه الأجواء الباردة..أيقنت بعد تفكير عميق أن دارالرعاية هي أفضل مكان لمثل حالها .

لم تتمكن صاحبة القلب الرقيق (كريمة ) من النوم في  تلك الليلة حيثُ أخذت العجوز حيزًا كبيرًا من تفكيرها والتعمق فيدهاليز حياتهاوبدأت تخصص جزء من وقتها لزيارة المرأة والسؤال عنها وعن أحوالها فقد كان يراودها شعور بالسعادة حينخدمتها ففي كل مرة تأتي لِزيارتها تجالسها وتلاطفها وتهتم بكافة شؤونها وتخرجها للتنزه في الحديقة و تروي لها قصص منالحياة لعلها تنسيها مرارة ما أصابها.

مضى شهرين من دخول العجوز لهذا المكان وحالها يزداد سوءًا يوما بعد يوم فقد أصبحت لاتتحدث إلا قليلًا وترفض الطعامإلا بمحاولات حثيثة من كريمة التي تقدم كل ما بوسعها لإدخال الفرح على قلب تلك المسنة..انشغل تفكيرها بمعرفة مصيرالعجوز والبحث عن أي وسيلة لإيجاد أحد من أقاربها أو أبناءها لِمعرفة حكايتها التي جعلتها تلازم الصمت طوال الوقت ..لقدأيقنت كريمة أن تلك العجوز تحمل سراً غامض تحاول إخفاءه عن الجميع حيثُ يبدوا على ملامح وجهها الألم والخذلانبعدوقت من العناء والبحث تمكنت كريمة من الحصول على بعض المعلومات التي تدل على وجود أبنة وحيدة لهذه المرأة تسكن فيإحدى الأحياء الراقية لتتأكد ظنونها أن هناك سر يتعلق بهذه العجوز

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى