
جلست على أريكتها تتخيل طيفه الحبيب بابتسامته العذبة.. وعينيه الضاحكتين المرسومتين على جبين العمر.. نقشت تفاصيل ملامحه على جدار خافقها.
خرجت على عجل إلى عملها وكل تفكيرها والدها.. لم يسعفها الوقت لزيارته حيث يبقى وحيدََا في تلك الدار الخالية من ضجيج الحياة.. مع أوراقه وقلمه.. وسجلات يومياته.
هوذا الرجل المترفع عن السخافات وتوافه الأمور.. وهو معطف الأمان والإحتواء لأبنائه..
ومن عادته نهاية كل أسبوع يجالس أبناءه وأحفاده يمتعهم بأحاديثه.. وذكرياته وضحكاتهم معه تملأ جوانب الدار.. ولا يخلو الحديث من نصائحه بالتزام القيم الإسلامية.. وسمو الأخلاق.
وبعض الأحفاد يمرون عليه ببهو المنزل يقبلون يده ويمضون لألهياتهم مع السوشيال ميديا لايشعرون بمن حولهم وماذا يجري.
في يوم كان الجميع مشغولين عنه بمهامهم.. ومسؤولياتهم غابوا عنه أيامََا..
قرر الأب السفر في مهمة عملية تستوجب تغيبه أيامََا ولكنه هذه المرة لم يخبر أحدََا من أبنائه بقرار سفره المفاجيء.
وبعد غياب أسبوع كامل حضر الجميع من بينهم الإبنة الشغوفة بأبيها.. لم يجدوا والدهم في جلسته المعتادة.. وفترات لم يتواصلوا معه نظرََا لمتاعب العمل..
ساد بينهم القلق والتوتر.. تفقدوه في مكتب جلوسه كان خاليََا إلا من بعض كتبه وأوراقه.. وبعضَََا من بقايا قهوته الصباحية.. لم تهتم بها عاملة المنزل.
نادت الإبنة بصوت يفيض التياعََا / أبي.. أين أبي؟ أنهارت باكية.
ذرف الجميع دموع اللوعة والقلق..
أدركوا أنه حبهم الأبدي.. وهو من سكب ينابيع الحنان والإحتواء العاطفي لفلذات كبده.
فما أجمل الأنامل التي تلامس أكتاف الأبناء بمشاعر الحب والحنان.. وما أروع الكلمات المنسابة من بين شفتيه..!! رائعة تلك الروح التي تحتضن أرواحهم لتغفوا على وسائد الطمأنينة.. فتشعل في ذاتهم ثورة محبة لروح الحياة.
وفي غمرة الألم والصراع النفسي.. يطل الأب فجأة بكل إنسانيته الرائعة وحبه الذي لا يضاهى
أستقبله الجميع بالعناق والقبلات.. أحتضنت الإبنة أباهابكل الشوق وكأنه غاب عنها سنوات طويلة.. والجميع يطوقونه من كل الجهات..
وقرروا أن لا يدعوه للوحدة..
وقد تغنى الفنان راشدالماجد بهذه المشاعر /
يابوي الدنيا بدونك مالها معنى..
أيامها سود والقشرا لياليها..
مالها أي معنى وانت مو معنا..
وايش نبي بس فيها وانت مو فيها..
نطلبك باغلى عيالك لا تودعنا..
يابوي عين تحبك لا تخليها ..
Murshibah @shafaq-e.sa.
, , ,



