الآنعـــــاجلمقالات

انتصارات أكتوبر… ذاكرة المجد و التضامن العربي

✍️ بقلم: أ. كمال فليج

في السادس من أكتوبر من عام 1973، سطّرت الأمة العربية واحدة من أنصع صفحات تاريخها، حين خاضت مصر وسوريا معركة الكرامة ضد الاحتلال الصهيوني، لتعيد للعرب شيئًا من بريق النصر والإرادة. وفي قلب تلك اللحظة الخالدة، كانت الجزائر حاضرة بكل ثقلها، ميدانيًا وسياسيًا ودبلوماسيًا، تأكيدًا لعقيدتها الثابتة بأن مصير الأمة واحد، وقضيتها مشتركة.

منذ الساعات الأولى للمعركة، أعلن الرئيس الراحل هواري بومدين موقف الجزائر الثابت والداعم بلا تردد، فكان من أوائل القادة الذين بادروا إلى مساندة الجبهتين المصرية والسورية، ماديًا وبشريًا.
أرسلت الجزائر سربًا من الطائرات المقاتلة ووحدات مدرعة شاركت في القتال إلى جانب القوات المصرية على جبهة القناة، كما أُرسلت قوات إضافية لتعزيز الجبهة السورية. وفي الوقت ذاته، قدّمت الجزائر دعمًا ماليًا قُدّر بمئات الملايين من الدولارات، إلى جانب إمدادات نفطية عاجلة ساهمت في استمرارية المعركة.

لم يكن موقف الجزائر مجرد دعم عسكري، بل كان موقفًا مبدئيًا نابعًا من إيمان عميق بوحدة المصير العربي. وقف الرئيس بومدين في الصفوف الأمامية للدفاع عن القضية، ودعا إلى استخدام سلاح النفط في المعركة السياسية والاقتصادية ضد الدول الداعمة لإسرائيل، مؤكدًا أن الثروة إذا لم تخدم الكرامة، فهي عبء على الأمة.

كما تحركت الدبلوماسية الجزائرية في المحافل الدولية لفضح العدوان ودعم الموقفين المصري والسوري، مما عزّز صوت العرب في العالم، وأعاد للقضية هيبتها في زمن كانت فيه الكلمة موقفًا لا يُشترى.

تبقى حرب أكتوبر علامة مضيئة في التاريخ العربي الحديث، وتبقى مشاركة الجزائر فيها وسام شرف على صدر الوطن. فقد جسّد الشعب الجزائري، جيشًا ودولة، روح الأخوة العربية التي لا تعرف المسافات، وأثبت أن الجزائر — التي قدّمت مليون ونصف المليون شهيد من أجل حريتها — لا يمكن أن تتأخر عن نصرة أي أرض عربية تُنتهك سيادتها.

واليوم، ونحن نُحيي ذكرى تلك الملحمة الخالدة، نستحضر بكل فخر بطولات الجيشين المصري والسوري، ونتذكر بإجلال مواقف الجزائر التي برهنت أن الانتصار لا يتحقق بالقوة وحدها، بل بالإيمان بالحق، والتمسك بالمبدأ، ووحدة الصف العربي.

اظهر المزيد

كمال فليج

إعلامي جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى