الآنعـــــاجلمقالات

الجزائر ومصر.. أخوّة صنعتها ميادين النضال

بقلم : كمال فليج

تُعدّ العلاقات الجزائرية – المصرية نموذجاً راسخاً للتضامن العربي، حيث ارتكزت منذ بداياتها على أسس النضال المشترك والدعم المتبادل، وظلت عبر العقود عنواناً للأخوة الصادقة ووحدة المصير.

ارتبطت مصر والجزائر بروابط متينة منذ فجر النهضة العربية، إذ أسهمت مصر بعلمائها ومفكريها في دعم الحركة الإصلاحية الجزائرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي، فكانت القاهرة منارة فكرية ألهمت الجزائريين وساهمت في إحياء الوعي الوطني.

مع اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، تبنّت مصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر القضية الجزائرية كقضية عربية مركزية. فقدمت القاهرة الدعم السياسي والعسكري والإعلامي، وكان لصوت “إذاعة العرب” من مصر دور حاسم في رفع معنويات الشعب الجزائري والتعريف بعدالة قضيته أمام العالم.

ردّت الجزائر الجميل لمصر بعد الاستقلال، إذ ساندتها في حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر 1973، من خلال تقديم دعم عسكري ومالي ملموس. كما شارك الطيارون الجزائريون في الدفاع عن الأجواء المصرية، في تجسيد عملي لشعار الرئيس هواري بومدين: “مصر تحارب.. إذن الجزائر تحارب.”

تجاوزت العلاقات بين البلدين الإطار السياسي والعسكري لتشمل الثقافة والفنون والإبداع. فقد كان للسينما والمسرح والأغنية المصرية حضور بارز في الجزائر، في حين احتضنت مصر الأدب الجزائري وروّجت لإبداعاته. ولا تزال الرياضة والفنون اليوم تواصل هذا الدور في تعميق التواصل الشعبي بين البلدين.

ورغم متانة هذه الروابط، لم تخلُ المسيرة من محاولات متكررة لتشويه العلاقة بين البلدين عبر حملات إعلامية مغرضة، اعتمدت على الفبركة والتزوير في المواقف، بغرض بثّ الفرقة وإضعاف التضامن. غير أن وعي الشعبين، وعمق الروابط التاريخية التي جمعت بينهما، حال دون نجاح تلك المحاولات، فبقيت الأخوّة أقوى من كل محاولات التشويه.

تواصل الجزائر ومصر اليوم بناء علاقات استراتيجية في مجالات الاقتصاد والطاقة والتعليم والاستثمار، مع تنسيق مستمر في القضايا الإقليمية والدولية. وهو ما يفتح آفاقاً واسعة لتعاون يعكس قوة العلاقة ومتانتها.

لقد أثبتت التجربة التاريخية أنّ العلاقات الجزائرية – المصرية علاقة مثالية، تجاوزت حدود المصلحة الظرفية لتصبح نموذجاً للوحدة العربية الحقيقية. فهي علاقة كتبت بالدم في معارك التحرر، ورسّخت بالوفاء في محطات التاريخ، ولا تزال تمثل ركناً أساسياً من أركان التضامن العربي.

اظهر المزيد

كمال فليج

إعلامي جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى