من قصص الغموض البوليسي اغتيال عائشة الحلقة العاشرة
✍️ بقلم: فايل المطاعني – سلطنة عُمان

أصاب النقيب منى حزنٌ عميق بدا جليًّا على ملامحها، فلاحظ ذلك العميد حمد، ونهض مستأذنًا العميد فؤاد ليأخذها في جولة قصيرة داخل حديقة الفندق الفاخرة، ريثما يستيقظ بقية الزملاء استعدادًا للجولة السياحية المقررة لهم.
لكن النقيب منى لم تتحرك من مكانها، وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة تحديدًا، ثم قالت بحزم:
منى: سيدي العميد… حياةُ إنسانٍ بريء مرهونة بما ستسمعه مني الآن. أرجو منكم منحي فرصة واحدة فقط، لأثبت أنكم وضعتم الشخص الخطأ خلف القضبان، بينما المجرم الحقيقي ما زال طليقًا.
تأملها العميد فؤاد بدهشة، بينما ظل العميد حمد جالسًا يُكمل قهوته الصباحية بهدوء، ثم التفت إلى صديقه قائلاً بنبرة عميقة:
العميد حمد: فؤاد، تذكر أيام شبابنا حين كنا متحمسين، وكان هدفنا أن نرى كل مجرم وراء القضبان؟ يا صديقي، لا تضع القيود أمام هذه الفتاة، دعها تقول ما لديها… وإلا فلن يسامحك ضميرك المهني إن أرسلتَ الدكتور سامي إلى المشنقة وهو بريء.
تذكّر دائمًا، أن الأصل في المتهم البراءة حتى تثبت إدانته.
ثم التفت إلى منى بابتسامة مشجعة:
العميد حمد: لكن تذكري يا ابنتي… عليكِ أن تقدمي أدلة دامغة تقنع هذا الضابط العجوز.
ضحك العميد فؤاد قليلًا وهو يقول:
العميد فؤاد: حسنًا يا ابنتي، تفضلي… أخبرينا بما لديك، فلعلّك تضعيننا أخيرًا على الطريق الصحيح.
أخرجت منى أوراقًا من حقيبتها بعناية، ثم قالت بصوت واثق:
منى: بعد أن استلمت التقرير من الملازم حذامي وقرأته مرارًا، لاحظتُ أنه يركّز فقط على شخصية الدكتور سامي، دون التوقف عند بقية المشتبه بهم.
وبما أن الجريمتين – مقتل عائشة ومقتل نبيل – تصبّان في إناء واحد، فإن المجرم في كليهما شخص واحد. لذلك بدأتُ أتحرى خلفية الدكتور سامي الاجتماعية، وبمعاونة الملازم علي حصلتُ على أوراق زواجه.
ثم أشارت إلى ورقة محددة أمام العميد فؤاد، وأكملت:
منى: انظروا هنا يا سيدي… هذه الوثائق تُظهر أن عمر القتيلة عائشة ثلاثة وعشرون عامًا. لكن تاريخ زواج والديها المدوّن هنا هو منذ تسعة عشر عامًا فقط. أي أن هناك فارقًا زمنياً قدره أربع سنوات!
بمعنى آخر… وِلدت عائشة قبل أن يتزوج والداها بأربع سنوات كاملة! فهل يُعقل هذا؟
اتسعت عينا العميد فؤاد بدهشة، وأخذ الأوراق من يدها ليفحصها بنفسه. وبعد لحظات صمتٍ ثقيل، هزّ رأسه ببطء قائلاً:
فؤاد: يا إلهي… كيف لم نلاحظ هذا التضارب في التحقيقات؟
ابتسم العميد حمد ونظر إلى أخته منى بفخر، ثم خاطب صديقه بنبرة تحمل شيئًا من التوبيخ:
العميد حمد: لأنكم يا صديقي ركزتم على سامي فقط، وتجاهلتم بقية الخيوط. وأظن – وإن بعض الظن إثم – أن هناك من أراد أن يرسله إلى السماء مبكرًا.
سادت لحظة صمت مشحونة، بينما كانت ملامح العميد فؤاد تتقلب بين الذهول والقلق… وكأن الحقيقة بدأت أخيرًا تتكشف.
يتبع…