قصائد و مقالات

رحمة 4

فجر جديد

تاليف . فايل المطاعني

كانت رحمة تسير في شوارع المدينة كما لو كانت غريبة عن كل شيء حولها. الحوارات والضحكات لم تعد تصل إليها، والأصوات التي كانت يومًا مألوفة صارت تتراقص بعيدًا عن مسامعها، تاركة قلبها في صمتٍ ثقيــل.

لكن شيئًا بدا يتغير تلك الصباحات؛ شعاع خافت من الأمل بدأ يتسلل من نافذة قلبها المكسور. شعورٌ غريب بالتحرر بدأ يزهر فيها، وكأنه يهمس لها: «ربما ليس كل ما فقدته إلى الأبد».

جلست على مقعدٍ خشبي في حديقة عامة، أمعنت النظر في أوراق الشجر التي تلمع قطرات الندى على أطرافها. كل ورقة كانت تحمل رسالة: الاستمرار، الصبر، الإيمان بأن الحياة تمنح دومًا فرصة جديدة.

استدارت رحمة لتلاحظ الأطفال يركضون حول نافورة الماء، ضحكاتهم الخالية من الهموم تذكّرها بأيام طفولتها. وفجأة شعرت بطاقة غير مألوفة تتسرب إلى روحها، شيئًا يشبه الأمان، شعورًا بأن هذه المدينة، رغم كل ما عاشته فيها من ألم، يمكن أن تكون بداية جديدة.

نهضت رحمة، ونظرت إلى السماء. شعاع الشمس الأول كان يقطر بالدفء على وجهها، يهمس بأن كل شيء ممكن، وأن الغد ليس نهاية الحكاية، بل فصلًا جديدًا ينتظر أن تكتبه.

بدأت رحمة تمشي بخطوات أبطأ هذه المرة، تتنفس بعمق، تتعلم كيف تعانق العالم مرة أخرى، وكيف تجعل من الألم قوة، ومن الحزن درسًا. كان هذا الفصل في حياتها، رغم كل المرارة، يحمل في طياته بوادر النور، ووعدًا بفجر جديد.

اظهر المزيد

كمال فليج

إعلامي جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى