خلف ظلال السنين

✍️مرشدة يوسف فلمبان:
في ذات ليلة روت لنا إحدى الرفيقات قصة وجعها بكل ألم / في تلك الليلة الموحشة كنت أرقب خيطََا واهيََا مرتسمََا على آفاق سعادتي التي أطاحت بها السنوات المدلهمة بالذكريات المؤلمة.. وبين ارتعاشة أهدابي.. وشرود ذهني حاولت الهروب من متاعب هذه الذكريات.. ولكن اللحظات قاسية جامدة كجمود الجليد.. فبعد رحلة النسيان الطويلة.. أنتشلني من شرودي صوت من خلال أمواج الحنين.. يتقاذف سمعي.. يناديني.. هي ذاتها النبرات الحنونة التي أعتدت سماعها منذ سنوات طفولتي القصيرة في ماضي أيامي..
أختلست النظر إلى مصدر ذاك الصوت الشجي بين جنبات أجوائي الخالية من الضجيج.. فوجئت خيالاتي بصورته الحبيبة باهتة صفراء كأوراق شهر أيلول.. كأن نظراته تترجم آلامه.. وندمه.. رباه تغيرت ملامحه الجميلة.. هل هي أحداث الزمان.. أم متاعب البعد والحرمان غزت خافقه؟
حينئذ قررت تمزيق ستائر النسيان.. وتكسير حواجز الماضي التي فرقت بيننا.. تقدمت إليه مددت له يدي الفارغتين من فيوضات الحنان لأقبل يده الكريمة وتعانقهما.. واأسفاه!! فعمر اللقاء قصيرَ.. كان ذاك الملاك وهمََا وسرابََا على هيئة أبي.. ما أقسى الواقع في دائرة الأحلام الكاذبة!! وجدت نفسي في دائرة السراب والأوهام أحتسي داخلها سموم العذاب.. خنقتني العبرات.. للهفي وشوقي لحضن ذاك الأب الضائع بين رفاة الذكريات.. وركام السنين العجاف.. وألهيات الدنيا..
كم كنت أتمنى أن يكون أبي واجهة مستقبلي.. ضاع ذاك الأمل بين دياجير الفراق..
كنت أتمنى أن أكون موهبة أدبية واعدة في خيمة أبي مبدعة فائقة الفخامة الأدبية لكن تحطمت الأمنيات في بوتقة الضياع الأسرى.
أواه يا أبتي.. رغم تراكم الآلام في تلابيب قلبي مازلت حبي السرمدي الأول في طفولتي.. وصباي وشبابي.. وحاضري.. وغدي.. وسنوات وهني وضعفي ياحبي الكبير.. رحمة الله عليك ياوشاح عمري!!