العيد الوطني المجيد
بقلم : عثمان الأهدل
قيل في الأثر :”كل وطن لا يخلو من الحروب ولكن يظل ھو مصدر الأمان في كل الدروب”. وأي وطنٍ رائع يمكن أن يكون هذا الوطن، لو صدقت العزائم فيه وطابت النفوس وقل الكلام وزاد العمل.
يجيء أهمية هذا اليوم، يوم ٢٣ من سبتمبر لهذه الدولة الفتية كيوم شاهدٍ على تأسيس دولة ربط شرقها بغربها، أسدٌ من أسودها لا يخشى الموت، انطلق من أرض الشموخ والاباء، أرض نجد، انطلق بحفنة من الابطال لم يتجاوز عددهم عن أربعين مقاتلٍ. جعل دستورها القرآن والسنة، لتحتضن شعائر الله التي يهوي إليها أفئدة الناس قبل أجسادهم من كل حدبٍ وصوب.
وها هو الشعب السعودي الكريم لا يتوقف عطاؤه لبناء وطنه نحو العالمية بالعلم والتحضر الذي ينبذ كل فكر شاذ، متمسكًا بمنهجه ومبادئه الإسلامية، التي ميزت بها هذا الوطن الحبيب عن سائر الأوطان. وتأتي رؤية 2030 كتتويج وباكورة الانجازات التي تم تحقيقها طوال تسعة عقود، شهد فيها آباؤنا أعظم ملاحم التضحيات والتفاني، حتى جعلوا من هذا الوطن قبلة يُحتذى بها.
السعودية وبكل فخر رفعت راية التوحيد في ارجاء المعمورة، شاهدٌ لها على ذلك كل مسجد ومعهد تم بناؤه خارج أرضها. فانتشرت دور العلم والثقافة الإسلامية بفضل كرمها متيقنةً أن ما تقدمه ليس منّة منها، بل هو واجبٌ وشرفٌ لا تتنازل عنه قيد أنملة.
ما أجمل أن يكون للإنسان وطن يستقر فيه ويعتز بالإنتساب إليه، وإن من الإبتلاء أن يفقد الإنسان وطنه ويصبح مشرداً، لذلك فإن حب الوطن من الإيمان وأنه واجبٌ علينا جميعاً أن نقدس تراب هذا الوطن ونحافظ على أمنه واستقراره وأن نعض على تلاحمنا بالنواجذ، الذي يربطنا كأمة يغبطنا الكثيرون عليه. وليس الاحتفال بهذا اليوم هو فقط من أجل الفرح، بل هو تذكيرٌ بواجب كل مواطن تجاه هذا البلد المعطاء، فهو ليس كسائر البلدان، هو مهبط الوحي وقبلة المسلمين قاطبةً، ويجب أن يكون سدًا منيعا بأيدي شعبه ضد كل حاقد، أعماه الشيطان وأخرجه من النور إلى الظلمات.
وما يحدث الآن من تسارعٍ في عجلة التقدم والتطور حضاريا وثقافيا هو في الأساس امتدادًا لجهود آباءنا، فعلينا نحن أجيال هذا اليوم أن نحافظ على تلك المكتسبات وأن نعمل جاهدين في ترقيتها إلى ما يجب عليه أن يكون هذا الوطن الغالي على كل مسلم يحب الله ورسوله، وأن لا نغض الطرف عن كل من ينظر إليه من خلال نظارة الظلام والبؤس.
فليسجل التاريخ أن يوم ٢٣ سبتمبر من كل عام في سجلاته أنه يوم بزوغ فجر هذا الوطن العظيم بشعبه وقيادته، أن يبقى دائما وأبداً منارة لسائر الأوطان كانت عربيةً أو أعجمية، يرى فيه قوة التلاحم والتراحم بين قاطنيه شعباً وحكومةً. ولا ننسى ما حباه الله به من أعظم شرف في خدمة اطهر بقاع الأرض وزواره كانوا حجاجًا أو معتمرين دون كلل ولا ملل لهي نعمة يغبطنا عليها الآخرين. وما قدمه الوطن هذه الأيام من مزيد في منح الثقة المطلقة لشعبه، ليس مبررًا للجهلة أن ينساقوا وراء الاغراءات الغربية التي لا تتفق مع مبادئنا التي تربى عليها أجدادنا وتربينا عليها اجيالًا بعد اجيال.
ليست الحرية أن نتنكر عن ديننا وأن نقلد الغرب فتنطبق علينا مقولة ابن خلدون “المغلوب مُولع بالاقتداء بشعار الغالب، وزيّه ونِحلته وسائر أحواله وعوائده”. فالهزيمة لاتحدث بسبب الحروب فقط، بل أنها أكثر بشاعة عندما تحدث بسبب انهزامية النفس الناجمة من البعد عن كتاب الله وارتخاء الأيادي عن التمسك بحبله المتين الذي لا ينتهي عطاؤه. فكل ما لدينا هو فضلٌ من الله، فلنتقي الله وأن نحافظ على نعمة الإسلام وأن نعي نحن كمسلمين أن مجدنا لن يكون له قائمة بغيره.