جنية الكهف

الفصل الثالث والأخير

✍️ سمير الشحيمي :

*أيها العامل لا تنسى أن تطعم الخراف بعد أن تنتهي من تنظيف مرابض الإبل*
قالها صديقنا الراعي وهو الآن تاجر مواشي له إسمه بين تجار المواشي والأبل
وأما الاسكافي يملك محلات لبيع الأقمشة والاحذيه وزدهرت تجارته وزاد ربحه
أما الحمالي أصبح من تجار الذهب والمجوهرات ويملك عدة محلات
5 سنوات مضت بعد أن عاد أصدقائنا الثلاثه وبعد حادثة الكهف والجنية مازال الراعي والحمالي والاسكافي أصدقاء ويلتقون كل أسبوع مره واحده في إحدى مجالسهم ويستضيفون كبار تجار بلدتهم ويتسامرون فيما بينهم
اتكئ الحمالي وتناول بعض من العنب وهو يقول: سأذهب غدا إلى الشرق لأحضر بضاعه جديده من المجوهرات
الراعي : أنت الآن من كبار تجار الذهب والمجوهرات
الحمالي ضاحكا: نعم نعم فأبي ترك لي هذه الثروه التي تركها له أبوه وهو يكون جدي
الراعي وهو يقترب من الحمالي هامسا: ورثتها من أبيك وجدك ها؟
الحمالي بصوت هامس : نعم أيها الراعي لا أحد يعلم لا أحد
فضحك الراعي والحمالي بصوت عالي
الاسكافي يشرب الشاي ويبستم قائلا: ما أخبثكما، تعلمان إن هذا كله من جنية الكهف ولم نخبر أحد طوال هذه المده
الراعي : ولن يعلم أحد، هذا ما إتفقنا عليه في اليوم الذي عدنا فيه إلى بلدتنا
الحمالي: نعم هذا ما إتفقنا عليه، ثم نظر إلى قدميه وقال للاسكافي أريد حذاء جديد لقدمي
الاسكافي : إن قدمك لا يسعها حذاء تحتاج أن يصنع لك غطاء كامل لقدميك من قماش
فضحك الجميع
وفي اليوم التالي استعدت قافلة الحمالي بالخروج من البلده بتجاه الشرق وبعد عناء سفر طويل طول النهار صادفوا خيمه عتيقه وبجانب الخيمه رجل كبير بالسن توقفت القافله وقال له الحمالي: أيها الكهل مالذي تفعله هنا؟
الكهل: أنا أسكن هنا
الحمالي : هل لك أن تدلنا أين طريق الشرق نريد أن نكمل مسيرنا إلى هناك
العجوز : ماذا ستعطيني؟
الحمالي مندهشا: ماذا أعطيك! وهل مساعدة الناس التائهين تكون بمقابل!؟
الكهل: لا ياسيدي إن الذي ستعطيني إياه ثمن نجاتك من هذه الصحراء أنت ومالك وقافلتك
الحمالي بسخريه :وهل أنت ستوفر لي الحمايه أيها الكهل ضحك الحمالي
الكهل: إرشادي لك منجاة لك ومن معك وأنت ستعطيني مما أعطيت لتنجو وهيه صفقة رابحه أنت المستفيد منها
الحمالي : لا نحتاج منك أن تدلنا سنستدل على الطريق لوحدنا ومعي رجالي ونحمل السلاح ولن يستطيع قطاع الطرق مهاجمتنا ونحن عصبه
العجوز: القرار قرارك وهذه الصحراء أمامك
وتحرك الحمالي وقافلته في وسط الصحراء وماهيه إلا ساعات حتى هبت عاصفه رمليه جعلت نهارهم ليلا حتى ضاعت القافله ومن فيها
وفي البلده وبعد مرور شهر على مغادرة الحمالي البلده افتقد الراعي والاسكافي صديقهم الحمالي
الراعي : لقد تأخر في العوده صديقنا الحمالي
الاسكافي: بالفعل لقد مر شهر ولم يرجع
الراعي : لست مطمأنا سأذهب غدا وسأتحرك بقافلتي إلى الشرق للبحث عنه
الاسكافي : دعنا ننتظر ولا نستعجل سيعود الحمالي قريباً
الراعي: لا لن انتظر لقد انتظرنا بما فيه الكفاية سأذهب غدا للبحث عنه
وبالفعل باليوم التالي تحركت قافلة الراعي بتجاه الشرق وصادف خيمة الرجل الكهل بنفس المكان وسأله الراعي : أين الشرق أيها العجوز
العجوز : وماذا ستعطيني؟
الراعي : ماذا أعطيك! أنا أبحث عن صديقي لم يعد إلى الآن وذهب لشرق وأنت تريد مقابل إرشادنا على الطريق
الكهل:إرشادي لك منجاة لك ومن معك وأنت ستعطيني مما أعطيت لتنجو وهيه صفقة رابحه أنت المستفيد منها
الراعي في غضب: لن تحصل على شئ مني وسنستدل على الطريق لوحدنا دون مساعدتك
فتحرك الراعي بقافلته ومن نزل الليل ووضعو رحالهم وعدتهم حتى هاجمهم قطاع الطرق وسرقو ما وجدوه معهم وشتتو بهم بصحراء القاحله والراعي يركض فارا بحياته من أيدي اللصوص حتى أعياه التعب وسقط مغشيا عليه
وفي البلده وبعد مرور اسبوعين بدأت مواشي الراعي بلأختفاء ووصل الخبر للاسكافي فقرر التحرك للبحث عن أصدقائه الراعي والحمالي فلقد طال غيابهم وتحرك الاسكافي بقافلته بصباح اليوم التالي وفي نفس المكان وجد الخيمه والكهل وطلب منه أن يدله على الطريق
العجوز:ماذا ستعطيني؟
الاسكافي : وهل الإرشاد الطريق أصبح بالمال؟
الكهل: إرشادي لك منجاة لك ومن معك وأنت ستعطيني مما أعطيت لتنجو وهيه صفقة رابحه أنت المستفيد منها
الاسكافي: سأعطيك ماتريد لكن دلني على الطريق الصحيح فأنا أبحث عن أصدقائي خرجا ولم يعودا حتى الآن وأنا قلق عليهما
نهض العجوز وقال له اتبعني
فتبعه الاسكافي وسارا مسافة طويله في وسط الصحراء الجرداء حتى وصلو إلى كهف وقال الكهل : إن ماتبحث عنه موجود هنا في هذا الكهف
الاسكافي: مالذي أبحث عنه هل تقصد أن أصدقائي موجودان داخل هذا الكهف
الكهل : اتبعني
فدخلا داخل الكهف حتى رأى الاسكافي أصدقائه الحمالي والراعي ملقايين على الأرض فركض بتجاههما وينادي بهما حتى استيقضا من اغمائتهما
الاسكافي : مالذي حدث لكما وماذا تفعلان هنا؟
الحمالي:لقد هبت عاصفه رملية اضاعت لي كل بضاعتي وقافلتي ولا أعلم كيف وصلت لهذا الكهف
الراعي : وأنا خرجت للبحث عنك وهاجموني قطاع الطرق وهربت منهم قبل أن يفعلوا بي شيئاً وفقدت الوعي والآن اصحوا وأنا داخل هذا الكهف
الاسكافي : لاعليكما أهم من هذا كله انكما بخير
الراعي : ولكن كيف وجدتنا ومن الذي احضرنا إلى هذا الكهف
الاسكافي : لقد خرجت من البلده للبحث عنكما ووجدتو رجل كهل هو الذي دلني على مكانكما
الراعي والحمالي مع بعض قالا : رجل كهل
الاسكافي: نعم هو الذي دلني على مكانكما
وقف الرجل الكهل بمقربه منهم وقال : أيها الحمالي أنت رفضت أن تعطي مما أعطيت لتنجو بحالك ومالك حتى اللتهمتك الصحراء
أما أنت أيها الراعي رفضت أن تعطي مما أعطيت لتنجو من قطاع الطرق وهذا ماحصل لك
الراعي: أنت السبب بالذي حدث لنا
الكهل: جشعكما هو السبب ماحدث لكما فلو أعطيتم مما أعطيتم ماكان حدث شئ لكما ووجدكم الاسكافي بعد أن دفع لقاء أن يجدكما
الاسكافي : من أنت أيها الكهل؟
العجوز : أنا حارس الصحراء وما كان بينكم وبين جنية الكهف من إتفاق يجب أن ينفذ
الاسكافي : هل تعرف جنية الكهف أيها الكهل؟
الكهل : نعم أعرفها فأنا حارس الصحراء وسمعت كل ما دار بينكم، فجأه ارتفع الكهل عن الأرض وقال: أيها الحمالي لقد خسرت ما تملك بالعاصفه الرمليه وكنوز الأرض من ذهب ومجوهرات رجعت إلى مكانها
أما انت أيها الراعي فخسرت ما تملك من مواشي وأغنام ورجعت كلها إلى الصحراء والبراري
أما أنت أيها الاسكافي فلقد نجحت وأعطيت مما أعطيت فلك مالك ولا تنسى أن تعطي مما أعطيت لا تنسى
فختفى الكهل من أمامهم وكأنه لم يكن موجود
فخرج الثلاثه من الكهف ورجعو إلى بلدتهم وهم بالطريق قال الحمالي : لقد ضاع كل شيء كل تعبي ضاع بسبب غبائي وبخلي
الراعي : وأنا خسرت ما أملك بسبب تكبري وعنادي
الاسكافي: لا داعي للأسف فلقد حدث ما حدث يا أصدقائي المهم أنكما بخير
الراعي : كيف لا داعي ولقد كنا مكرمين الآن سأعود أعمل برعي الغنم مع الناس
والحمالي : وأنا سأعود حمالي أحمل أغراض الناس كالحمار
الراعي : أنت الوحيد أيها الاسكافي من ربح فينا أنت فقط
الحمالي: نعم أنت فقط
الاسكافي: ومافائدة المال والجاه من دون أصدقائي
الراعي : ماذا تقصد؟
الاسكافي : سوف تأتيان معي نعمل سويا بتجارة الأقمشة والاحذيه
الحمالي : هل هذا صحيح أيها الاسكافي؟
الاسكافي :نعم صحيح فما قيمت المال وأنتم لستم حولي
ففرح الراعي والحمالي فجأه أتاهم صوت جنية الكهف تقول أحسنت أيها الاسكافي لقد أعطيت مما أعطيت فالمال راحل ويبقى الوفاء.

انتهت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى