25 جويلية 1957/ 25 جويلية 2024 ذكرى استشهاد أحد قادة أبطال الثورة التحريرية الكبرى عباس لغرور

محمد غاني _ الان نيوز


قبل عنه ” الشهيد عباس لغرور هو القائد الوحيد من جيش التحرير الوطني الذي نجح في قتل ضابطين ساميين برتبة مقدم من الجيش الفرنسي و هو القائد الوحيد الذي ارتقى إلى الطور الثالث من حرب العصابات وهو الهجوم دون تحفظ على القوات الفرنسية ” فمن هو الشهيد عباس لغرور ؟


ولد الشهيد عباس لغرور يوم 23 جوان 1926 بدوار أنسيغة على بعد كيلومترات قليلة من مقر ولاية خنشلة حاليا وسط أسرة شاوية بسيطة تنتمي لعرش العمامرة التاريخي و تعلم في المدرسة القرآنية أين حفظ القرآن الكريم و استطاع الحصول على الشهادة الابتدائية، انضم الشهيد مبكرا إلى حزب الشعب الجزائري وكان ذلك عام 1946 على إثر مجازر 8 ماي التي أعطت دفعا قويا للحركة الوطنية و شاهد أيضا الشهيد مصطفى بن بولعيد


انضم الشهيد عباس لغرور مبكرا إلى حزب الشعب الجزائري وكان ذلك عام 1946 وكان ينشط مع المناضل إبراهيم حشاني المسؤول الجهوي لمنطقة الأوراس و قد شك في أمره صاحب العمل عندما شوهد مع هذا الأخير في أحد الأسواق ولذا طرد من العمل فلجأ الشهيد عباس الغرور إلى فتح دكان للخضر والفواكه في السوق العامة للمدينة و هذا لتمويه الاستعمار عن نشاطه الحقيقي و لقد أصبح هذا الدكان مكانا يلتقي فيه مناضلو الحزب لعقد اجتماعاتهم السرية و من أمثال هؤلاء شيهاني بشير مسؤول حركة انتصار الحريات الديمقراطية على مستوى باتنة و نظرا للميزات التي كان يتميز بها الشهيد فقد أوكلت له مسؤولية الإشراف على قسمة الحزب بخنشلة وأهم ما قام به مشاركته في مظاهارات 1 ماي و 8 ماي 1945 التي وقعت في المدينة و تنظيم مظاهرة احتجاجية عام 1951 ضمت شريحة من شبان المدينة وكان هذا تنديدا بالوضعية المأساوية التي كان يعاني منها الشعب الجزائري ومن أهم المطالب التي كان يسعى إليها المتظاهرون القضاء على البطالة و توفير الخبز
القت السلطات الفرنسية على الشهيد عباس لغرور و بعض رفقائه وبقي في السجن مدة 3 أيام تعرّض خلالها إلى تعذيب وحشي مما أدى به إلى اصابته بمرض صدري جعله ينتقل إلى باتنة للعلاج وقد تكفل حزب حركة الانتصار بجميع نفقات علاجه و بعد أن تماثل للشفاء عاد إلى خنشلة ليواصل نشاطه السري داخل الحزب و برفقة الشهيد مصطفى بن بولعيد و عاجل عجول وشيحاني بشير ساهم عباس لغرور بالتحضير للثورة في منطقة الأوراس وقد أشرف على الأفواج التي أوكلت لها مهمة شن الهجومات ليلة أول نوفمبر 1954


التحاق الشهيد عباس لغرور بالنضال العسكري
عندما قرر الشهيد عباس لغرور الخوض في الحياة المهنية نجح في الحصول على منصب عمل عند حاكم البلدية المختلطة في مدينته أولا بصفة حاجب فكانت مهمته توزيع البريد و استقبال الزوار القادمين لمقابلة حاكم المدينة كما عمل طباخا لدى نفس الحاكم و قد سمح له وضعه هذا بأن يشاهد عن كثب ومن الداخل حقيقة النظام السائد و يدرك مدى الظلم واللامساواة في المعاملة ومستوى المعيشة بين الجزائريين و الأوروبيين كما كان الشهيد عباس لغرور مساعد الشهيد شيحاني بشير المكلف بالشؤون العسكرية قائد حرب بإمتياز لتنظيم حرب العصابات و بدأ بتحسيس السكان والتقرب منهم فبدونهم لا يمكن شن أي عملية ناجحة على العدو و الكمائن كانت تتم بعد دراسة للموقع و خموضع كل مجاهد حسب نوعية سلاحه و عند اندلاع الثورة كلف مصطفى بن بولعيد الشهيد عباس لغرور بتسيير الهجوم على مدينة خنشلة فقام بتنظيم أفواجه فنظم هجوما أدى إلى مقتل أول ضابط فرنسي معروف رفقة عسكريين و هذه العملية كانت من أنجح العمليات على مستوى الوطن و أصبحت خنشلة آنذاك متصدرة الصفحات الأولى في الصحافة الفرنسية وخلقت ضجة إعلامية بما في ذلك الجرائد العربية التي تحدثت عن العملية كما خلفت نجاحا بسيكولوجيا هاما جدا للثوار و كان نجاح هذه العملية هو نجاح للمجاهدين الأوائل الذين كانوا أشخاصا نادرين جدا في منطقة الأوراس قدر عددهم بحوالي 400 جندي و كان لعباس لغرور الدور المهم في التنظيم العسكري مما جعل العدو الفرنسي يعترف بشجاعته والتخطيط الحربي الذكي الذي كان يطبقه في الميدان وفي شهادة لجنرال فرنسي يدعى «مارتن دولاسال» يروي أنه حين سقط جندي فرنسي جريح لم يجهز عليه عباس لغرور بل وضعه وسط الطريق تاركا معه رسالة يقول فيها » أنا لا أذهب إلى الحرب أنا لست قاتلا» كما وصفه أيضا الجنرال فرال دومنيك بأنه القائد الثوري الوحيد في الجزائر الذي ألحق بالجيش الفرنسي أكثر الخسائر من بداية نوفمبر 1954 إلى 25 جويلية 1957 وهو تاريخ إعدامه كما كتب عنه المجاهد و الوزير السابق عبد الرزاق بوحارة حيث قال أن عباس لغرور هو مناضل مثالي من الحركة الوطنية يمكن أن نعتبره الأنموذج الأصلي لهذه المجموعة من القادة و عباس لغرور هو مثال الإطار السياسي والعسكري الذي كان في نفس الوقت قائدا مقاتلا و كما قيل
إنه واحد من قادة الثورة النادرين الذي اجتمعت فيه بمفرده الصفات السياسية والحربية والعسكرية مرة واحدة و قد اعتبره الفرنسيون واحدا من أكثر قادة جيش التحرير الوطني حنكة تكون في مدرسة حزب الشعب وكان دائما في الصدارة في العمل العسكري الجريء كان صاحب حيلة ملحوظة في التنظيم و تميز بمآثر عسكرية لا مثيل لها في تاريخ جيش التحرير الوطني في الولاية الأولى و كل هذا جعل منه قائدا يحظى باحترام وبحب كبيرين من قبل رجاله كان قائد حرب حقيقي عرف كيف يحيط نفسه برجال نادرين و جريئين و مقاتلين أشداء و ذوي خبرة يتسمون بالشجاعة والانضباط وحب الوطن
استشهاده: غادر في أكتوبر من سنة 1956 نحو تونس رفقة عدد من الإطارات والطلبة الذين غادروا مقاعد الدراسة لتحرير الوطن و استشهد عباس لغرور في ظروف غامضة في ال 25 من يوليو 1957 بطبرقة بالقطر التونسي و أعيد دفن جثمانه في المقبرة الوطنية بالعالية بالجزائر العاصمة في يوم 5 جويلية 1985 وتخلد ولاية خنشلة التي تحمل العديد من مؤسسات الدولة بها اسمه سنويا ذكرى رحيله من خلال إقامة العديد من التظاهرات و النشاطات الثقافية والرياضية بدور الشباب عبر بلديات الولاية من المقولات التي كان يرددها دائما إن اليوم الذي يمر عليا دون أن نقاتل فرنسا هو خيانة للشعب والثورة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى