مناقشة ديوان محمد الحديني الفائز بجائزة عفيفي مطر الثلاثاء المقبل
ينظم منتدى محمد عفيفي مطر بجاليري ضي المهندسين، في السادسة من مساء بعد غد الثلاثاء الموافق للسادس من سبتمر، أمسية ثقافية لمناقشة ديوان “ظل يرتسم على المياه البعيدة” للشاعر “محمد الحديني”، الفائز بجائزة مسابقة محمد عفيفي مطر للشعراء الشباب.
يناقش الديوان الناقد والشاعر أسامة جاد والناقد محمد صلاح زيد المدرس بكلية دار العلوم ويدير الأمسية الصحفي والشاعر محمد حربي.
من قصائد الديوان
(بطاقةُ هُويِّةٍ مُمزَّقة)
الزِّحامُ الكائنُ هُنا
لا أحدَ يعرفُني فيهِ
الحمامةُ الَّتي أطلقتُ سراحَها
هُناكَ مَنْ أسقطَها بطلقٍ ناريٍّ
الزُّجاجةُ الَّتي ألقيتُها في البحرِ
وتحملُ رسالتي
لا تزالُ طافيةً على الماءِ بجانبِ مثيلاتها
والحبيبةُ الَّتي أنتظرُها على رصيفِ المحطَّةِ هذا
أرى وَغْدًا ينتظرُها على الرَّصيفِ المُقابلِ.
أنا مُتحدِّثٌ ومستمعٌ جيِّدٌ
ولذلكَ؛ فأصدقائي جميعُهم يسكنونَ المتاحفَ ويتوسَّطونَ الميادينَ،
أنا لا أُحبُّ الصُّورَ الجماعيَّةَ
ولذلكَ؛ أضعُ وجهي بينَ كفَّيَّ عندما يومضُ البرقُ،
أنا عاملٌ مُجتهدٌ ولا أحتاجُ إلى تنبيهٍ
ولذلكَ؛ أسدُّ أُذني عندما يضربُ الرَّعدُ،
أنا لستُ قاتلًا
ولذلكَ؛ أحرصُ دائمًا على السَّيرِ مُتجنِّبًا أسرابَ النَّملِ.
أنا غصنُ شجرةٍ نحيلٌ مُلقى على الطَّريقِ
أحمق عازفُ النَّايَ هذا الَّذي يُحاولُ
استنهاضي، يظنُّني ثُعبانًا،
مسكينةٌ تلكَ الرِّيحُ العمياءُ
الَّتي ستتحمَّلُ عناءَ حَمْلي،
وطُوبى للأقدامِ المُنتبهةِ وغيرِ المُنتبهةِ
الَّتي ستسحقُني وتغرسُ فُتاتي في تُربةٍ صالحةٍ
حيثُ ظُلمةٌ باردةٌ أشتهيها.
أنا الَّذي نِمتُ في بدايةِ الفيلمِ
وصحوتُ لحظةَ تحطُّمِ الشَّاشةِ على وقعِ رَصاصةٍ مجهولةٍ
جُلتُ ببصري
لا أحدَ هُناكَ،
فقطْ؛ روائحُ مختلطةٌ
لمطرٍ
وطينٍ
وخُبزٍ
وبهَّاراتٍ
وبقايا صدى صرخاتٍ لطفلٍ وليدٍ
تسري في فضاءِ القاعةِ
وابتسامةٌ ساخرةٌ ترتسمُ
على وجهِ مُرشدِ المقاعدِ
وهوَ يسيرُ مُتتبِّعًا عصاهُ البيضاءَ ليوصِدَ بابَ الخُروجِ.
أنا بيتٌ مهجورٌ
هجرَهُ مُلاكُهُ
وعرضوهُ للبيعِ ولمْ يأتِ أحدٌ لشرائِهِ
فأضحى ملاذًا لنُزلاءَ جُددٍ مِنَ الزَّواحفِ،
والخفافيشِ، والطَّحالب
كائناتٌ طيِّبةٌ تملأُ حياةَ شبَحٍ رجُل
وُجِدَ ميِّتًا في إحدى الغُرفِ،
رجلٌ أفرغَ جيوبَهُ مِنَ النُّقودِ وبطاقاتِ البنكِ
وأرادَ أنْ يمُوتَ للمرَّةِ الأخيرةِ
عقبَ سلسلةٍ مِنَ الميتاتِ البطيئةِ،
بعدَ أنْ حقنَهُ كُلُّ مَنْ حولهُ بمرضِ الوَحْدَةِ.