“رمضان في الوجدان “

✍️ سمية عبدالحليم السلفي :
حديث وجداني الرمضاني حمل قلمي بكل الحب ليخط مشاعره العبقة عن لقاء خالتي الفنانة التشكيلية السعودية/سلوى حجر ..والذي أذيع في يوم الإثنين الموافق ٣/مارس/2025 بإذاعة صوت العرب من القاهرة والتي ادارته بكل الحب الأخوي كبير مذيعين ومدير عام بإذاعة صوت العرب الاستاذة / رندة فودة وكأن الأرضان تتحاوران محاورة أم لتتفقد أخبار إبنتها
بين مصر والسعودية لقاء جميل سألت فيه الأم عن التقاليد في أرض الحديقة الخضراء السعودية بمراميها الواسعة الشاسعة فكان الحوار الذي زفته طيور الحديقة بأن مائدة الإفطار تكاد تكون واحدة لاسيما وأن العالم أصبح قرية صغيرة تصل أصناف أطباقها المتنوعة عبر سحابتها بكل يسر وسهولة وكأن مزنها تمطر على ربات البيوت ببديع الأصناف المختارة من جميع الأقطار فتارة يكون الطبق مغربي وأخرى إيطالي وهكذا يجتمع العالم على مائدة الإفطار ،في السعودية بفضل من الله واحده رغم تكلف الإصطفاف على المائدة مما جعل الحياة في مظاهرها تغاير عبق الطبيعة الجميلة في إبداعها الماضي وبساطة عشوائيتها المتناثرة…
فأرهقت النفوس من المظاهر البراقة مما أنتج لنا في الوقت الحاضر بما يعرف بالخيم الرمضانية والتي تكون بعيدة عن البيت الأم فتجتمع كل العوائل كل بطبقه متفادين إرهاق المظهر وإنهاك القوة الذي كان في القديم لايعني لهم شيئاً.. وقلت الأطباق المتبادلة بين الجيران إلا أن خالتي مازالت تذكر جارتها المحبة للحوح اليمني فتهديها منه بكل حب السلوى لتميزها فيه ..كما تكاثرت البازارات الرمضانية لتزايد طلب السيدات على إبداعهن في ارتداء الجلابيات الرمضانية المطرزة بالزخارف الإسلامية والساترة التي تعيد للمجد أصالته المتميزة في عزة المرأة المسلمة.
وهنا سافرت ذاكرة خالتي -سلوى – للماضي لتحضر لنا معلمومة كانت مستجدة على اللواء غانم القحطاني بأن أول من كان يوقظ النيام للسحور في الإسلام هو الصحابي الجليل بلال ابن رباح رضي الله عنه بصوته العذب قبل أن يعلو بأذان الفجر الصحابي الأبي إبن أم مكتوم وأستدلت في ذلك بحديث نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم..
وجذبتني حيث رأيت بعين وجداني ستي عائشة وسيدي عبدالله في عبق قصص أمي بجوار حوش مناع شارع قباء في عمارة السمان وهم يجتمعون بعد الإفطار في لمة حنونة لمسلسلهم الرمضاني وحلقاته البهية لا تبث من الخارج بل من داخل قلوبهم في تبادل الأحاديث وجميل النظرات وبرائة الضحكات حيث كانت كل عائلة تبدع في مسلسلها الرمضاني الخاص والذي يبقى محفورا في ذاكرتهم بكل الحب وإبداع الجمال وتناسق الهمسات التي يعلوها صفاء المحيا لايدخلها الغرباء ولا يعبرون بأصواتهم لحناياهم حتى يخيم الظلام وتغفوا الأسرة تباعاً لنظام الطبيعة الرباني حيث قال في محكم التنزيل (وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً)
ليستيقظوا على صوت المسحراتي وهو يجوب الأحياء بأهازيجه البديعة في الحجاز بعبارات (اصحى يانايم وحد الدايم ) باختلاف اللهجات في كل منطقة والذي أصبح جزءاً من التراث العربي الأصيل.
وأبدت حنينها العظيم لتلك الأيام الني كان رمضان فيها رمزاً لتبادل الحب والجمال بدون إرهاق التطور وغربة المآل فانشغل الأطفال عن أهازيجهم الجميلة التي كانت تعلو مسامع البيوت والأزقة ويتجاوب معهم الأهالي بكل لطف عندما ينادوا (حالو ياحالو فكو الكيس وأدونا بخشيش)
هنا تبادر لذهن المذيعة رندة سؤالها عن أجمل مواقفها المنقوشة في ذاكرتها منذ الصغر في رمضان.
فأجابت خالتي -سلوى – بضحكة يعلوها الحزن وكأنها تقف في المطبخ وستي بجانبها تدعوها لتقليب حلوى السقدانة وهي عبارة عن حبيبات صغيرة من مستخلص نخيل السامو ذات اللون الأبيض والتي تتطلب مجهوداً كبيراً باستمرار تقليبها بدون توقف حتى لا تتكتل إلى أن يتغير لونها ويصبح زجاجياً وكأن وقت التقليب الطويل كان يرهق نفسها في ذاك الآوان مع شدة المراقبة وحب الطفولة في سرعة الإنجاز ..هنا وقفت خالتي – سلوى – برهة أحسست وكأنها ترجوا الزمن بأن يقف عند تلك الأيام..لكن الأيام تزول والمشاعر تبقى لتحكي لنا الذكرى.
وأنا هنا أقف احتراماً للماضي الجميل لأدعك عزيزي القارئ تكمل رحلة الحاضر عبر الإستماع للقاء الذي أخفيت كثيراَ من جماله لأدع لك روعة التقاطه وتعيشوا شعور اللواء غانم القحطاني وهو يحثكم للإستماع له بكل ارتياح فكم عادت به ذكرياته لقريته وليلها الهادئ وعبق الإذاعات التي تبث من مصر واليمن والسعودية يغزوا رونقها وكأن نغمات صوته تداعب بخياله أنسام الليل ولسعات برودته على ذلك السطح الجميل البسيط..وهو ماعبر عنه الكاتب علاء الموسوي بأنه كشمس الربيع الدافئة والتي عانقت كلماته أزهار الياسمين وأهدى خالتي -سلوى – كل الود الإحترام
وفي الختام لايسعني إلا أن أضم صوتي لصوت اللواء حين قال وبكل الصدق تشعر بأن الأرض السعودية هي من تتكلم 🇸🇦