*كلنا مخطئون*

✍ صالح الريمي :

في هذه الدنيا الفانية خلق الله الخير والشر وجعلهما يتصارعان، تارة ينتصر الشر وتارة ينتصر الخير ولا ينتصر الشر بضعف الخير لكن بضعف من يمثل الخير، في نهاية المطاف لا بد أن ينتصر الخير على الشر مهما علا الشر، فالخير باقي في أمة محمد حتى قيام الساعة..
بالأمس جاءتني رسالة من شخص صديق وعزيز يقول: “تعاملت مع شخص صاحب دين وحافظ لكتاب الله عزوجل، وأخطأت في حقه بتصرف ليس متعمدًا مني، واعتذرت له مرات ومرات محاولًا أصلاح الخطأ قدر استطاعتي، لكن في كل مناسبة يذكرني بهذا الموقف الذي أخطأت عليه بجهل من نفسي استغلني غيري بحسن نيتي وكنت أنا في واجهة المشكلة، ولم يترك أحد يعرفني إلا كلمه بالمشكلة”، انتهت الرسالة.

هنا يظهر فن التعامل مع المخطئ وطريقة التعامل مع الآخرين، ربما نتعلم الكثير من أخلاق إسلامنا في المدارس وفي الجامعات أو في الخطب والدروس العلمية أو من خلال قراءة الكتب، لكن لا نتدرب عليها في حياتنا اليومية، وهي المحك الحقيقي في التعامل مع الآخرين، وفي المواقف الصعبة لا يلمع إلا من كان معدنه ذهب متأصل فيه الخير وكلًا يعمل حسب أصله ومعدنه..
عندما يأتيك المخطئ نادمًا مطأطئ الرأس ليعتذر إليك، فإن كنت صاحب القلب الكبير والمقدرة الفائقة على التواضع للمخطئ وامتلاك أعصابك والضغط على نفسك الأمارة بالسوء ولا ترد الشتيمة بالشتيمة والمسبة بالمسبة وتقول الكلمة الطيبة وترسم ابتسامة في وجه المخطئ وتملك رصيد عالي من الأخلاق وعندك الجرأة أن تقول للمخطئ سامحتك لأني إنسان وعفوت عنك لوجه الله وصفحت عنك ابتغاء مرضاة الله والجنة، إن فعلت ذلك فأنت إنسان سوي.

في النهاية ليس هو ولا نحن ملائكة، كلنا نصيب ونخطئ ونستغفر لله من أخطائنا ونعتذر عن زلاتنا، وكل إنسان فينا معرض للخطأ، ومن منّا لم يخطئ، وسيظل إنسان كما أنا وأنت وهو إنسان وبشر معرضين للخطأ لكن جانب الخير هو الغالب في نفوسنا والشر حالة طارئة في تعاملاتنا وأميل أن الإنسان السوي الذي لا يؤذي الآخرين بهدف الإيذاء وإنما جهلاً أو خطأ أما من تأصل فيه الشر وأصبح يجد متعه في التعذيب والإيلام والإيذاء فلديه خلل في الشخصية أو التربية أو الاثنين معًا..
أما آن لأنفسنا أن ننزع الغل والحقد والكراهية، أما آن لقلوبنا أن تستكين ولا نفكر في الانتقام، أما آن لنا أن نتأسى ونتغافل عن أخطاء الآخرين ثم نحتسب الأجر عند رب العالمين، فما أحوجنا أن نغمض جفونا قبل نومنا بالمسامحة ونجرد قلوبنا من الغل والحقد والكراهية لكل من أخطا بحقنا، فمن طبق هذا الخُلق الرفيع لأصبح من الملائكة التي تمشي على الأرض ولزالت مشكلاته ولا أشرقت شمس ربيع علاقته ولذاب جليد الإنتقام من نفسه.

*ترويقة:*
كلنا مذنبون، كلنا مخطئون، نقبل على الله تارة وندبر أخرى، نراقب الله مرة وتسيطر علينا الغفلة مرةً أخرى، لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منّا الخطأ، فلست أنا ولا أنتم معصومين عن الخطأ، قال عليهالصلاة والسلام: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).

*ومضة:*
الإنسان السوي يتصف بصفات الرحمن بالمغفرة والمسامحة ثم العفو والصفح فيمن أخطأ في حقه متذكرًا قوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، وقوله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى