مولود بن زادي : الكاتب العربي بارع في كسب الجوائز الأدبية لكنه عاجز عن تحقيق العالمية
أجرت الحوار: لطيفة محمد حسيب القا ضي
مولود بن زادي : الكاتب العربي بارع في كسب الجوائز الأدبية لكنه عاجز عن تحقيق العالمية
أجرت الحوار: لطيفة محمد حسيب القا ضي
مولود بن زادي هو روائي جزائري وكاتب مقالات في الأدب واللغة ومترجم وناقد وباحث في اللغة العربية، والأدب. من مواليد الجزائر وهو أحد الوجوه الثقافية العربية البارزة في المهجر. مهتم بقضايا الإنسانية والتقارب بين الثقافات والحضارات . مقيم في بريطانيا. عضو في رابطة الأدباء العرب، وعضو سابق في اتحاد الكتاب الجزائريين والعرب. تخرج من معهد الترجمة في الجزائر في عام 1991 بعدها هاجر إلى بريطانيا، واستقر في مدينة لندن. نشر أول كتاب بعنوان (الغزالة المغرورة) عبارة عن قصص أطفال، ونشر كتاب ( معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية) وهو عبارة عن معجم إنجليزي -عربي .
في عام 2011أصدر روايته الأولى بعنوان(عبرات وعبر)، وبعدها رواية (رياح القدر) عام 2014 ورواية (ما وراء الأفق الأزرق) عام 2017 ورواية (أنجلينا -فتاة من النمسا)صادرة عام 2019.
له العديد من الدراسات النقدية. ويكتب أقوالاً باللغة الإنجليزية تداولت بعضها في مواقع مختصة بالأمثال باللغة الإنجليزية، ووصف أسلوبه بالسهل الممتنع، وأسلوب الأدباء في العصر الذهبي.
لقد صرحت بأن: “الكاتب العربي مُهوَّس بالجوائز الإقليمية وعاجز عن تحقيق العالمية!” لماذا؟
هذه حقيقة لا يرغب في سماعها أي كاتب عربي وتوحي بأنّ المثقف العربي أساء فهم “العالمية”. مصطلح “العالمية” يعني الانتشار الواسع في أنحاء العالم، وهو ما لم يحققه الكاتب العربي الذي تبقى شهرته منحصرة في حدود وطنه والإقليم العربي وكثيرًا ما تتبخر هذه الشهرة بعد رحيله وبروز أسماء أخرى في الساحة. والكاتب العربي أساء أيضا فهم سبل تحقيق العالمية. يتوهّم أنه حقق العالمية ببساطة؛ لأنه يشارك في لقاءات دولية أو يفوز بجائزة مرموقة أو؛ لأنه يترجم أعماله إلى لغات أجنبية. كيف يمكننا أن نتحدث عن العالمية والمؤلفات العربية لا تحقق مبيعات خارج الوطن العربي؟! وكيف نتحدث عن العالمية والأسماء الأدبية العربية تبقى مجهولة في عواصم العالم؟! لقد كنت أول كاتب عربي يقرع ناقوس الخطر مؤكدًا عجز العربي عن الارتقاء إلى منصة العالمية.
على ذكر الترجمة وأنت تعمل في هذا المجال، ألا تساعد الترجمة الكاتب العربي على تحقيق العالمية بوصول أعماله إلى جماهير ناطقة بلغات أخرى؟
الترجمة تعني توفر العمل بلغة أخرى لكنها لا تعني بالضرورة إقبال الأجنبي عليه. قد تبقى الكتب المترجمة مكدسة على رفوف المكتبات للأبد، وهذا ما يحصل فعلا لمؤلفاتنا العربية المترجمة التي تبقى عاجزة عن إثارة اهتمام الجماهير الأجنبية أو تحقيق رواج يذكر في العالم. الأسباب كثيرة ومن جملتها وقوع الكاتب العربي في فخ النرجسية واللف والدوران وخوضه في مواضيع وثيمات محلية وإقليمية، يختارها إرضاءً للجان تحكيم الجوائز ولنفسه وليس للجماهير. فلا نراها تثر اهتمام جماهير العالم التي لا تنقصها مؤلفات أدبية في عالم يعج بالمؤلفات الجديدة. المفارقة أن الكاتب العربي بارع في كسب الجوائز الأدبية، لكنه عاجز عن تحقيق العالمية.
وكيف تتحقق العالمية حسب اعتقادك؟
عندما يتحرر الكاتب العربي من هوس الجائزة ومطاردة الشهرة، سيكون قد خطى خطوته الأولى في الطريق الصحيح. عيب الكاتب العربي سعيه لكسب الجوائز الأدبية بدلاً من كسب قلوب جماهير عصره والأجيال الآتية، بأعمال إنسانية ذات أبعاد عالمية! وهو بذلك يستثمر جهده ووقته في تجارة خاسرة لن تضمن له الخلود وإن منحته شهرة إقليمية آنية. هذا ما جعلني اقترح تسمية عصرنا ب”عصر الجوائز الأدبية”، يمتد من سنة 1988 التي شهدت وفاة ميخائيل نعيمة، وفوز العرب بجائزة نوبل إلى زمنٍ ينصرف فيه اهتمام الكتاب عن الجوائز الأدبية.
العربي يكتب أيضا وهو يفكر بلغته وبمنطق لا يفهمه إلا مجتمعه، وهذا من أسرار فشله العالمي. من خلال تجربتي في المجتمع البريطاني، أقول: إذا رغبنا في وصول كتاباتنا إلى العالم الناطق باللغة الإنكليزية، علينا أن ندرك طريقة تفكيره وأن نكتب بمنطق يفهمه ويتفاعل معه. عندما نشرت اقتباساتي العربية مترجمة إلى الإنكليزية، لم يتفاعل معها أحد؛ لأنني كتبتها وأنا أفكر بالعربية. وعندما نشرت اقتباسات من نصوص بالإنكليزية كتبتها وأنا أفكر بالإنكليزية، فاقت النتائج كل توقعاتي حيث شهدت انتشارًا في أنحاء العالم! نجاح هذه الاقتباسات حفزني على الكتابة بالإنكليزية، ودعوة الوطن العربي إلى الكتابة بهذه اللغة. هذا طرح هو الأول من نوعه في تاريخ العالم العربي، وإني أدعو الأجيال القادمة إلى تأمله. ومن يدري، قد تكون كتاباتي الإنكليزية نموذجًا من بعدي، ودليلاً على إمكانية نجاح أعمالنا بهذه اللغة.
رواية «أنجلينا فتاة من النمسا» تندرج الرواية في خانة أدب السيرة الذاتية تجري أحداثها في كل من بريطانيا والنمسا وجزر كناري وسلوفينيا، ماذا تقول عنها للقارئ؟
هي رواية رومانسية عن حب مستحيل بين شاب عربي وفتاة من النمسا. تجول الرواية بالقارئ في شوارع لندن وتطير به إلى الحدود النمساوية السلوفينية فتعرفه على نمط الحياة فيها وتحط به في جزر كناري. تندرج الرواية في خانة أدب السيرة الذاتية. وصفتها دراسات نقدية بالرواية الصادمة لما حملته من أفكار وتأملات نابعة من البيئة الجديدة، مخالفة للمألوف. وكانت من الكتب الأكثر رواجًا في معارض الكتب العربية.
من خلال رواية “عبرات وعبر” من الواضح أنك بذلت جهدًا كبيرًا لإخراجها إلى الوجود. حدثنا عن كواليس عملك على هذه الرواية؟
هي رواية اجتماعية درامية تصور يوميات عائلة بسيطة تحيا في إحدى الضواحي الفقيرة للعاصمة الجزائرية. الرواية تمتد عبر حقبة طويلة مصورة أحداثًا واقعية مرورًا بالاحتلال الفرنسي وثورة التحرير بناء على شهادات وهي بذلك شاهد على العصر وتندرج ضمن الرواية التاريخية وتصلح لأن تتحول إلى مسلسل تلفزيوني درامي مقتبس من قصة واقعية. لم يكن إخراج هذا العمل إلى الواقع سهلا. تطلب جمع شهادات أشخاص في أماكن متفرقة وفحص تفاصيل تاريخية. فالرواية التي ساهم في كتابتها في الواقع عدد من الأشخاص ثمرة سنوات من البحث والجهد.