قصة المعوذات
✍ صالح الريمي :
عندما يداعبنا الحنين إلى الماضي البعيد، عن الطفولة وبراءتها وأيامها السعيدة والجميلة، صحيح أنها أيام لن ترجع وسنين قد مضت ولن تأتي، ولكن عندما أتذكر تلك الذكريات أشعر برغبة قوية للعودة إليها دون قيودٍ ولا هموم، لأعيش براءة وطهارة تلك القلوب النظيفة..
تلك الأيام كانت أيامًا جميلة قد مَضت بلا عودة وطوتها أغبِرةَ الحنين، ولكن كل فترة تشعلها الأشواق حينما يمُر بي قِطارُ الذّكرياتِ مسرعًا على أنقاض ديار الأحبة، فاُقلِبُ تلك الصفحات العطرة من سجلًات حياتي فأراها أيامًا ضاحكة.
اليوم تذكرت قصة من ذكريات طفولتي، حيث أنا الإبن البكر والمدلل في العائلة في صغري، وفي الرابعة من عمري كنت أخاف من النوم وحيدًا، فتأتي أمي للنوم معي، ورغم أنها كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب لكن كانت تقص القصص المسلية عليّ حتى يأتيني النوووم..
أذكر يومًا بعدما أن نومتني أمي ذهبت إلى غرفة نومها مع الوالد، فصحوت آخر الليل في ظلامٍ دامس ومخيف لطفولتي، ذهبت إلى غرفتهما طارقًا عليهما الباب بقوة، فخرجت أمي مهدئة لي قائلةً لي: إقرأ المعوذات ثلاث مرات وإن شاء الله يروح الخوف منك، كنت أقرأ ليس كما هو معروف قراءة السور كاملة بل بطريقة غريبة طفولية.
كنت في حينها كما يقولون على الفطرة لا أعرف من الدنيا إلا بعض أفلام الكرتون التي أظن أنها كانت مربيةً لنا أكثر من أنها متعة، كنت أقرأ في نفسي المعوذات ثلاثه مرات بالطريقة هذه، قائلًا: “المعوذات – المعوذات – المعوذات”، وبعدها سبحان الله أنام بسرعة، واستمرت قصة المعوذات معي فترة من الزمان عندما يأتيني الخوف. انتهت القصة.
*ترويقة:*
أيام الطفولة كانت أيام مشرقةً مملوُءةً بالعُنفوان، ممُزوجةً ببساتين الحُب الصادق متراميةً على أطراف نوافذي، برائحة ياسمين وفجرِ وليد يتجدد فيه براءة الروح النقية، وهي من أجمل الأيام في حياة الإنسان، حين كنّا لا نفكر ولا نقلق من أي شيء، لنفعل ما نريد وليس علينا عتب أو لوم، كانت الإبتسامة لا تفارق وجوهنا، فالقلوب كانت صافية بيضاء لا نحملُ على أحد حقدًا أو غلًا أو حسدًا.
*ومضة:*
الطفولة؛ صفحةٌ بيضاء وحياة صفاء وثغر باسم وقلبٌ نقيّ وروح براءة.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*