قراءة في قصيدة سبحانك يا خالق الروح

للشاعر الشعبي علي جدايني / الجزائر

بقلم الأستاذة : فاطمة مسعود جبارة 
ها هو الشاعر الشعبي “علي جدايني ” ابن مدينة شلف الجزائرية  يبدع في نظم قصيدته “سبحانك يا خالق الروح “
حيث يعتبر هذا الاخير علي جدايني سفير ولاية شلف في كتابة القصيدة الشعبية الملحونة في روائع الشعر الشعبي بمختلف القصائد والمناسبات اذ ذاع صيته بالولاية وخارجها كما نشهد له مشاركات عديدة بمسابقات أدبية وأمسيات شعرية وملتقيات ادبية وطنية رفع بها صوت الولاية بالمنصة
فكتب إسمه بأحرف من ذهب في قائمة شعراء القصيدة الشعبية الملحونة
اسم يشهد له الكثير من اهل الاختصاص في تطور الكتابة الشعرية عنده .
واليوم وتزامنا مع الشهر الفضيل رمضان المعظم .
سنسلط الضوء على احدى أجمل قصائد هذا الشاعر الفحل .
التي عنونها ب “سبحانك يا خالق الروح”
لنقف عندها لما تحمله من رسائل إجتماعية ودينية وثقافية ووصايا انسانية نبرزها عبر الغوص في ثنايا أبياتها .
حيث استهل الشاعر قصيدته في الأبيات الأولى ب تعظيم الله سبحانه عز وجل ورسوله الكريم وهي من أرقى المقدمات في الحقل الديني فخصص لها أبياته الأولى نذكر منها :سبحانك يا خالق الروح .يا رافع السما .سبحانك قدير .سبحانك يا من هدى .لفرقان .صلى الله عليك .طه العدنان .زين الخلقة .سيد الأمة .
ذاكرا نعم الله تعالى وصفات نبيه الكريم وهي خير ما استهل به نظمه بمفرادات دينية محظة .
ثم يباشر الغوص في موضوع نصه بلغة إيحائية تصور عبر رموزها حالة يكشف عنها المعنى من خلال التمعن فيها .
لغة قوية المعنى جادت بها قريحته في تصوير ذوي الهمم بمختلف الإعاقات تفهم من سياق اللفظ والمعنى .
ليتيح المجال للقارئ في استخلاص عنوان نصه فيقول عبر اسلوب النداء قائلا :
خبرني يااااااا صاحبي حط العنوان
في عين المكفوف واقرا لمحانو
ليذكر احدى الاعاقات وهي المكفوفين ذاكرا عضو الاعاقة “العين ” في عين لمكفوف
مبرزا معاناته في قوله
واقرا لمحانو .بأسلوب أمر غرضه التنبيه
ثم يليه في البيت الموالي بالحديث عن الصم ذاكرا عضو الاعاقة في تلميح رمز به لذلك قائلا :
ولا شوف للي خفى سمعو ما بان
والأبكم قائلا :ولا ذاك للي انعقد لسانو
وكذا المشلول من ذراعه ورجله فقال:
ولا من خانو ذراعو
فوق فراشو خايناتو سيقانو
مبينا عبر النص المعاناة التي تشهدها هذه الفئة في صمت رهيب لا محال منه سوى الرضى بما كتب الرحمان مقدما روح التضامن والرحمة لهم ومحاولة الشعور وملامسة نفسية ما تمر به هذه الفئة من ضغوطات نفسية وألام قائلا :في أرض العزة ولادو ينهانو
ممتنا لهذه الفئة رغم معاناتها الا انه يجدها تحمد الله على كل شيء في قوله :يحمد ربي يشكيلو لحزان
متمنيا لهم الشفاء ومؤنسا لهم بأن جل ما يصيب المرء هو من الله وعلينا الرضى وما العودة الا اليه كفنا
هاذي دنيا ولقدار على كفانا
ما خبرنا ما كفرنا بالرحمان
صورة قوية المعنى تأكد الوازع الديني لدى صاحب النص وقوة ايمانه بالله واقداره خيرها وشرها
ورضينا بلقدار كيما كانو ايضا
ثم يبين مدى ادراكه لما تعانيه هذه الفئه مجسدا معاناتها من قهر في صمت وتهميش
هاذ الفئة صامتة صمت الرهبان
مهمومة والهم زايد طغيانو
والهم يهد لجبال ولسنان
فشبه الانسان بالجبل القوي الصلب الذي لا يتلاشى بسهولة لكن الهموم تهد كيانه اذا طغت عليه
حيث أجاد تصوير الفكرة عبر الصورة الشعرية لتوصيل لفكرة لذهن المتلقي .
ثم يختتم قصيدته بجملة من النصائح والإرشادات للإنسانية جمعاء تمس الواقع الاجتماعي منها ما يأمر بها وأخرى ينهى عنها مثل
عدم التنمر على خلق الله خاصة هذه الفئة المعاقة مهما اختلفت اعاقتها لم تحدثه من أثر نفسي سلبي على المعاق فيحس. بالنقص
ناصحا بأن لا شيء. بعيد عن قدرة الله
لا تضحك على للي بلاه الله
وكان ناقص من خلقة
هذا خلق الله
قادر في لحظة يجي منو البرهان
كون رفيق للي افقد ممو لعيان
خوذ بيدو ….
لا تهدى ذ الصم
مستعملا غرضي النهي والأمر وأدواتهما (لام الناهية’وافعال الامر الدالة على النصح في النص .
ليختم نصه بالثواب والاجر الذي سيجنيه فاعل الخير رحيم بفئة ذوي الهمم والخير .من جنة عرضها السموات والارض والتحفيز لذلك
ختاما يمكننا القول أن النص رسالة إجتماعية ودينية وانسانية هادفة خصصها الشاعر لفئة المعاقين
بلغة شعبية متداولة ألفاظها سهلة لكنها تحمل في طياتها جودة سبك وحسن تصوير وانسجام فني لجمل النص بإيحاءات شعرية تصويرية تجسد الحالات السابق ذكرها مع دمجها بالمعجم الديني لغرض التأثير والتأثر بالمتلقي بذكر الله .
وكذا تحريك الجانب النفسي لدى القارئ مسلطا أضواء القصيدة على ذوي الهمم لإيقاظ روح الوعي والتضامن والتكفل بها والرأفة بين أفراد المجتمع .
عبر نص حافل بالنصح والوصايا بوزن ونغمات موسيقية تستصيغ لها الأذان
اذن فالنص لوحة فنية راقية ذات مبدأ انساني مس سلوكات شدت الشاعر للنظم عنها باعتباره ابن بيئته .
زخرف مضمونها عن الاعاقة ومعاناة اهلها فأحسن سبك منتوجه .في رسالة سامية اخلاقية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى