الكاتبة الواعدة أمينة بير و الكتابة في المسكوت عنه : قراءة في رواية ” العارض”

محمد غاني _ الآن _ وهران الجزائر

 

حققت مؤخرا رواية ” العارض” للكاتبة الشابة أمينة بير شهرة واسعة بحصولها على أكثر المبيعات و الاقتناء القراءة في مختلف معارض الكتاب التي أقيمت بوهران و بعض ولايات الوطن خصوصا بعدما لقيت ترويجا لها من طرف جمعية أثار العابرين للثقافة و الأدب لولاية وهران التي يرأسها الكاتب القاص علي شريف روان و قدم لها الكاتب المعروف عبد المالك قادري قراءة بالتحليل المفصل ما لفت اهتمام صحيفة نبض العرب و ارتأت نشرها لتعميم الفائدة

الكاتبة الشابة أمينة بير ابنة مدينة بجاية طالبة جامعية بمعهد اللغة و الآداب . لها عدة إصدارات في مجال الرواية و القصة منها:العارض، خدام الموت، يد الله معي، فحم ابيض.

لعل القارئ لأعمال الروائية يلمس ذلك الزخم الفكري و المعرفي الذي تحمله منجزاتها و يعرف ما تحمله الكاتبة من هموم تنخر مجتمعها، و تؤرق حياة أفراده، فراحت تكتب بإسهاب في مختلف المواضيع دون هوادة . و حتى الطابوهات و المسكوت عنه. و مثال ذلك روايتها الموسومة “العارض”.

“العارض” اختصرت الكاتبة عنوان روايتها في كلمة واحدة توحي الفكرة العامة لروايتها لكنها تثير دهشة القارئ وتفتح له مجال التساؤل عن فحواها فتستدعيه لقراءتها .

الغلاف: ظهر غلاف الرواية بلونين متداخلين هما البرتقالي المائل إلى الحمرة بلون النار الملتهبة الرامز الى حرقة العوارض و الآلام و المعاناة و اللون السماوي و الأخضر الرامز إلى الصفاء و البرء و المعافاة، كما تتوسط الصفحة امرأة باللون الأسود تضع قبعة تدل على المكانة الرفيعة والرفاهية، و مع ذلك فهي مبهمة الملامح رمزا للغموض الذي يكتنف فصولا في حياة بطلة الرواية . و في الأعلى العنوان بخط واضح جلي .

فكرة الرواية تدور أحداث الرواية التي فصّلتها صاحبتها خمسة فصول حول موضوع العارض و السحر، و هو من الطابوهات المسكوت عنها في مجتمعنا الذي تنخره النعرات و الاختلافات بين الأفراد. خصوصا بسبب الغيرة في أحيان كثيرة .

حور و تيمور شابان تحابا و ارتبطا بجميل الأحلام لبناء أسرة فاضلة و مستقبل واعد ، لكن يد البشر و كيد الصديقات حال دون ذلك ، لتتسلسل أحداث الرواية بين الخيبات و الأمراض و المعوقات التي عصفت بأمانيهما ثم تؤول إلى نهاية أترك اكتشافها للقارئ.

الشخصيات: حور شابة جامعية من عائلة ثرية فائقة الجمال فاضلة الأخلاق. و تيمور شاب يافع طموح يشكلان بطلي القصة. إضافة إلى صديقاتها سوسو و ميمي و تيدا اللواتي كدن لها. المعالجة الروحانية و القس و الشيخ الجليل الذي عالجها ، كان لهم حضور كل حسب دوره لكنهم لم ينالوا حظهم من الوصف أو التقديم عموما .

أسلوب السرد

استعملت الكاتبة أسلوب الراوي المتكلم، لتحكي على لسان مختلف الشخصيات أحداث الرواية ، فكان الحوار هو الأسلوب الغالب عموما على فصول الرواية، كما أن عنصر الوصف للأطر الزمانية و المكانية كان باهتا وهذا ما يعاب عليه في هذه الرواية، إذ أن هذا العنصر أساسي حتى يتمكن الكاتب من الاستحواذ على القارئ وجعله بغوص داخل عالم الرواية.

اللغة

استعملت الكاتبة لغة راقية جميلة ، فاختارت ألفاظها بعناية فائقة لتبلغ معانيها بقوة و عذوبة و جمال. وكانت الصورة الفنية حاضرة على امتداد فصول روايتها لتزيد المبنى رونقا و جمالا، و المعنى إيضاحا و إثارة .

و خير دليل على ذلك التناص القرآني في كل فصول الرواية الذي يبين عن مدى التشبع المعرفي و الديني للكاتبة .

خاتمة: الكاتبة لها من المؤهلات الفكرية و اللغوية ما يمكنها من إفتكاك مكانتها و انتهاج منهجها الخاص بها في عالم الرواية خصوصا و الأدب عموما ، أبارك لها قوة حرصها و سعيها الحثيث لتطوير ذاتها ، و أنصح كل قارئ بالغوص في عالمها الإبداعي الغزير.

مقطع من الرواية:

لا بنيتي، لا بنيتي لا تقابلي الخطيئة بالخطيئة؛ فلتجعلي من

نفسك سلاحا للخير في سبيل الله ولا تجعلي للخطيئة سلطانا

عليك، كوني ميتة عن الخطيئة، ولتكوني في حكم نعمة الله،

فاعملي من أجل البر والاستعمال الشريف.

الحق الحق أقوله من ظلمك سيزول لا محالة وأنت تبقين،

وكل السحر والغيرة والحسد والعين وكل العارض كالثوب يبلى

تطوينه في الصحف فتخفى، فالعارض يقترب من الزوال

ولتضعي لجاما على فمك، ولتتجهي إلى ربك دعاء وتضرعا،

فلا فرق بين اليهودي والّنصراني والمسلم وغيرهم فالله يفيض

بعطائه وخيره على كل من يدعوه

أقبلي إلى الحياة بروح

جديدة وإيمان قوي بالله واجعلي ثقتك مربوطة بالله وليباركك الرب

الحق الحق أقوله سينصرك الرب ويثأر لك، ولن يجد

أعداؤك من الإنس والجن إ ّلا صريف الأسنان ”

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى