قصائد و مقالات

السرقة الأدبية: جريمة بلا أقنعة

"سرقة الكلمة ليست خطأ عابرًا، بل طعنة في قلب الروح، وجريمة في وضح النهار."

✍️ بقلم: فايل المطاعني

 

ليست السرقة الأدبية مجرد خطأ عابر أو زلّة قلم، بل هي جريمة فكرية متكاملة الأركان. جريمة لا تحتاج إلى لصّ يحمل سلاحًا أو يقتحم بيتًا، وإنما يكفي أن يمد يده إلى نصٍّ كتبه غيره، فيسلبه وينسبه لنفسه.

إنها خيانة مضاعفة؛ خيانة للفكر، وللأمانة، وللإبداع ذاته. فالكاتب حين ينثر حروفه على الورق، يسكب معها عرقه ووجدانه، يضع جزءًا من روحه بين السطور. يأتي السارق الأدبي، فيقتطع هذا الجهد، ويبدّل التوقيع، كأنما يقول للعالم: “هذا نتاجي”، بينما الحقيقة عكس ذلك تمامًا.

حتى العنوان – وهو بوابة النص وعنوان هوية صاحبه – حين يُسرق، تتحول الجريمة إلى اعتداء على الهوية ذاتها. فالسرقة الأدبية لا تقتصر على الفقرات والصفحات، بل تمتد لتشمل العناوين والأفكار وحتى الإيقاع اللغوي.

والأخطر من ذلك أن مثل هذه الجرائم تقتل الإبداع في مهده. فما جدوى الكتابة إذا كان الآخرون يتربصون لسرقة ثمرة جهدك؟ وما قيمة الصدق الأدبي إن لم يُحترم حق الكاتب في توقيعه؟

إن السرقة الأدبية ليست مجرّد “اقتباس غير مشروع”، بل هي قتلٌ صامت للفكر الحر، ومصادرة لصوت الكاتب الأصيل. هي جريمة بلا أقنعة، لكنها للأسف تُرتكب كل يوم في وضح النهار.

فالكاتب الحقيقي لا يحتاج أن يتزيّا برداء غيره، ولا أن يسرق ليظهر بمظهر المبدع؛ فالإبداع لا يُستعار ولا يُغتصب، بل يولد من رحم الصدق والمعاناة والتجربة.

فلنقف جميعًا ضد هذه الجريمة، ولنفضح كل من يحاول أن يسرق القلم والهوية، فالكلمة الشريفة هي آخر ما تبقى لنا من نقاء في هذا العالم المزدحم بالزيف.

 

اظهر المزيد

كمال فليج

إعلامي جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى